تقارير
المسيحيون في الموصل .. لم يبق أحد
لا يرى المسيحي العراقي هيثم بهنام الذي يسكن اليوم في اقليم كردستان العراق، ان العودة الى منزله في الموصل ستكون قريبة بعد إخراج تنظيم داعش الإرهابي منها، مكتفيا بالقول “هناك لا أمن ولا حماية للمسيحيين”.
ويقول هذا الرجل الأربعيني الذي انتقل الى كردستان بعد اقتحام الجهاديين للمدينة عام ٢٠١٤ بلهجة ساخرة، “من الأفضل البقاء هنا وعدم التشكي”.
وعاد تاجر الملابس بهنام بالذاكرة الى عام ٢٠١٤ عندما دخل مسلحو التنظيم الجهادي الموصل قائلا “جاؤوا الينا في محلاتنا التجارية وقالوا لنا ليس لدينا شيء ضدكم، في حال تعرضتم للمضايقات ابلغونا لكن وبعد اسبوع قالوها بشكل واضح المسيحيون خارج المدينة”.
وخير تنظيم داعش بعد سيطرته على الموصل في صيف ٢٠١٤ المسيحيين ال٣٥ الفا في المدينة، بين اعتناق الإسلام، ودفع الجزية، أو المغادرة تحت طائلة القتل.
اليوم، وعلى الرغم من إعلان السلطات العراقية في العاشر من الشهر الحالي استعادة السيطرة على كامل الموصل، يبدو ان خيار العودة لا يزال صعبا أمام آلاف المسيحيين الذين أعادوا بناء حياتهم في مكان اخر.
“غسيل دماغ “
وتابع بهنام قائلا بتحسر “حتى لو اردنا العودة فاننا لا نستطيع ذلك”.
ولإعالة زوجته وولديه الاثنين تحول تاجر الثياب الى ميكانيكي يعمل في ورشة صغيرة لتصليح السيارات استأجرها في مدينة اربيل، كبرى مدن اقليم كردستان الشمالي.
ونبه بهنام الى انه “خلال السنوات الماضية، حصل غسيل دماغ، وحتى الاطفال تعلموا القتل واصبحوا دواعش” في اشارة للاوضاع في الموصل.
في هذه الاثناء، وصل احد الزبائن لاصلاح سيارته في ورشة بهنام.
وقال عمر فوزي (٢٩ عاما) وهو مهندس مسلم من الجانب الشرقي لمدينة الموصل “انا لو كنت مسيحيا لما عدت الى الموصل قبل ان يؤكد لي سكانها انهم مستعدون للقبول بي”.
واضاف فوزي ان والديه عادا الى المدينة بعد توقف المعارك فيها، لكنهما وجدا ان منزلهما تحول الى مقر للقوات الامنية.
وتابع قائلا “على الفور نصحهما الجيران باخذ منزل مسيحي مجاور”.
واضاف “انها العقلية نفسها (…) في المسجد تركز الخطب على الهجوم على تنظيم داعش، لكن السلفيين يعتبرون انه لم يعد هناك من مكان للمسيحيين في المدينة”.
“لم يبق احد “
واستذكر عصام بطرس تاجر الملابس المسيحي ايضا، كيف فقد كل شيء لدى مغادرته الموصل عام ٢٠١٤. قال “كنا نملك خمس محلات ومنزلين، وبات علينا الان ان نبدأ من الصفر”.
وكان على بطرس ان يبيع سيارته ليتمكن من استئجار محل تجاري في اربيل، وتمكن من اقناع مورديه في تركيا بارسال بضائع له من دون دفع مقدم.
ويبدو انه نجح في اعماله التجارية، والدليل امتلاكه لمحل مؤلف من طابقين يبيع فيهما العطور ومستحضرات التجميل والحقائب اليدوية والفساتين.
ورغم ذلك لم ينس محلاته في الموصل التي لم يتفقدها بعد حتى الان. وقال “اريد ان اعود الى العمل هناك، وانا متفائل، لكن من دون العائلة لان المجازفة صعبة مع العائلة”.
وتعمل البائعة المسيحية سماهر كيرياكوس حنا في المحل بعد أن فرت من بلدة برطلة ذات الغالبية المسيحية، الواقعة غرب الموصل.
واستذكرت سماهر الام لثلاث بنات أكبرهن في ال ١٣ من العمر، تلك المرحلة قائلة بصوت مرتجف “كنا خائفين ان يقتلنا تنظيم الدولة الاسلامية او يأخذ بناتنا، كنا مرعوبين”. وتابعت بصوت مرتجف “رأينا ما فعلوا باخواتنا الايزيديات”، فقد اخذن سبايا.
واضافت سماهر (٣٧ عاما) قائلة “مر علي عام وانا اعمل هنا والوضع جيد، ولدينا ما يكفي لنستأجر منزلا ونقتات”.
وتابعت قائلة “اذا كان هناك ضمان لامننا سنعود” الى الموصل، مضيفة “لكن جيراني واختي واخواني كلهم هاجروا، لم يبق احد لم يبق غيري”.