لم يعد استخدام الجرافة مقتصرا على التحميل والردم والتسوية في الأعمال الإنشائية والبناء، بعد أن ابتكر مواطن أردني استخدامات جديدة لها ، وأدخلها عالم الدعاية الانتخابية ، وحول أهم جزء منها ألا وهو ” الحاوية ” إلى وسيلة لنقل الناخبين والأطفال المؤيدين لأحد المرشحين في الانتخابات البلدية واللامركزية إلى المقار الانتخابية ومراكز الاقتراع لتشجيع مرشحهم او انتخابه.
نعم وسيلة جديدة للدعاية ، تستغل الجرافة التي كانت قبل الانتخابات من الآليات الثقيلة التي تستخدم في أعمال تكسير للحجارة والتحميل ، والقيام بعملية تنظيفات عامة لمواقع العمل، او دفع كميات كبيرة من الأتربة ، والرمل ، والحصى، او نقلها لطمر اشياء لا يريد المعنيون وجودها حاليا وقد يحتاجونها فيما بعد.
على الرغم من الاستخدامات الجديدة للجرافة ، وإدخالها عالم الدعاية الانتخابية ، جاءت نتائج الانتخابات غير بعيدة عن العمل الأساس للجرافة من حيث القيام بمهام “التحميل ، والردم ( الطمر ) ، والتسوية ” ، لتحمل مرشحين إلى النجاح ، وآخرين للردم والطمر ، فيما تم إجراء عملية تسوية، وتحديد ادوار مع بعضهم ستظهر نتائجها على الساحة المحلية بعد الانتخابات.
وبدا جليا ، أن هناك تسوية لطيفة جرت مع جماعة الاخوان المسلمين أو “التحالف الوطني للاصلاح” المنبثق عن حزب جبهة العمل الإسلامي، تبلورت على شكل اتفاقية خاصة بالانتخابات البلدية واللامركزية، سمحت للاخوان بحصد 74 مقعدا بين رئاسة ومجالس بلدية، ومجالس اللامركزية ، ومجلس أمانة عمان الكبرى، ووصول النائب الأول للأمين العام للحزب علي ابو السكر – الذي منع من الترشح في الانتخابات البرلمانية سابقا- إلى رئاسة بلدية محافظة الزرقاء التي تعد أكثر المحافظات شعبية للاخوان ، في مؤشر إلى أن هناك دورا للجماعة في المرحلة المقبلة ، بمشاركة ومباركة حكومية ، وخاصة بعد سقوط الحكومة في مطب حادثة السفارة الإسرائيلية التي ما زالت متعثرة بها ، وتسعى إلى استعادة هيبتها شعبيا من خلال سعيها لتنفيذ مخطط الخروج من المطب ، بالتحالف مع جهة لها ثقل شعبي، وبعد ديني كون الموضوع يرتبط بما حصل، وما زال يحصل في المسجد الاقصى.
أما عملية الردم ، فتمثلت في استخدام الجرافة بعملية ردم الانتخابات البلدية واللامركزية والغائها ، بعد العبث والاعتداء على صناديق الاقتراع بتكسيرها ، أو سرقتها ، في منطقة الموقر- العصية على الحكومة – وهي المنطقة التي شهدت العبث ذاته والاعتداء على الصناديق بالتكسير والسرقة في الانتخابات البرلمانية، إلا أن الهيئة المستقلة للانتخاب لم تلغ الانتخابات والنتائج في المنطقة ، وتم اعتمادها ، في خطوة تضاربت فيها القرارات وزاد معها باب التطاول على الاجراءات والقرارات الحكومية في الانتخابات وبعدة مناطق.
وفيما كان هناك عملية تحميل وتشجيع لبعض الرموز – إن جاز لنا تسميتهم بذلك – الى الترشح ، وتأييد دعمهم ، وبعد خوض التجربة وبلوغ نهاية الانتخابات اكتشف المرشحون أن الدعم ليس أكثر من دعم لفظي فقط ، فسقطوا سقوطا ذريعا، ظهر للمتابعين بأنه ليس هناك تجاوزات في العملية الانتخابية ، وأن الانتخابات حرة ونزيهة ، وما افرزته النتائج، انعكاس لرغبة القواعد الشعبية ، فيما الباطن يتحدث عن تكسير لرموز قديمة ، واستحداث لرموز جديدة تحت الانشاء والبناء.
الجرافة على الرغم مما تسببه من أعمال مزعجة ، وملوثة للجو ، وما يرافقها من ” عجة ” ونشر للغبار، إلا أن المحصلة ، أن حاويتها تطرح ما تحمله من مخلفات بغض النظر عما هو غث منها أو سمين ، وما علينا سوى أن ننتظر “نفض العجة ” المرافقة للانتخابات البلدية واللامركزية لتصنيف ما حملته حاوية انتخابات الجرافة لنا..
خبرني