يعاني اللاجئون السوريون في الأردن ظروفا صعبة بسبب إمكانياتهم المادية المحدودة، مما يجعل الحصول على شقة مشكلة حقيقية تؤرق هؤلاء. واضطرت السورية أم إيمان إلى تبديل مكان إقامتها في الأردن العديد من المرات إما لعدم توفر المال معها لدفع الإيجار أو لعدم عثورها على مسكن لائق، إلى أن استقرت في منزل “واسع ونظيف”، بحسب قولها، يستضيفها فيه مالك عقار أردني.
ومنزل أم إيمان واحد من أكثر من ستة آلاف منزل وافق أردنيون على إسكان لاجئين سوريين فيها، بموجب برنامج يشرف عليه المجلس النرويجي للاجئين ويقوم على أساس مساعدة مالكي عقارات على إتمام بناء مساكن أو إصلاحها مقابل توفير سكن فيها لعائلات سورية لفترة محددة.
وتقول أم إيمان (29 عاما)، التي تضع حجابا أخضر وثوبا أسود بينما تجلس في بيتها في قرية حوارة في إربد على بعد نحو89 كلم شمال عمان، “كنا نضطر للرحيل كل شهرين تقريبا لأسباب مختلفة. المرأة تحب أن يكون بيتها مرتبا ونظيفا وواسعا ومريحا”.
وتقطن أم إيمان في المنزل مع زوجها وبناتها إيمان (7 سنوات) وحرية (5سنوات) وراما (3 سنوات) وسيراز (أقل من عام)، إضافة إلى شقيقة زوجها وأبنائها.
ويقول زوجها محمد غزال “وضعنا كان بائسا جدا. كنت أضطر لدفع 100 إلى 150 دينارا (بين 140 و210 من الدولارات) شهريا للإيجار”. ويضيف أن تلك المنازل “منها ما كان غير صحي وبعضها ضيق أو آيل للسقوط، وسقط بالفعل جزء من سقف أحدها علينا. عانينا إلى أن وفّر لنا المجلس النرويجي هذا البيت”.
ويشمل البرنامج تأمين سكن لنحو 25 ألف سوري إما مجانا وأما بإيجار شهري بسيط. ويهدف إلى مساعدة السوريين الهاربين من النزاع في بلدهم في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات في الأردن ثلاثة أضعاف تقريبا عمّا كانت عليه قبل الأزمة السورية.
وتقول آية (7 أعوام) وهي ابنة شقيقة غزال، وقد ارتدت فستانا أبيض مرقطا وضمت شعرها بطوق رفيع، “أنا سعيدة جدا في هذا البيت فهو أوسع وأجمل من السكن السابق ولديّ هنا أصدقاء سوريون كثر”.
وقدمت آية مع والدتها وشقيقها كرم (5 سنوات) وشقيقتها مايا (3 سنوات)، التي لم تفارق حضن أمها، من درعا (جنوب سوريا) عام 2012.
وتؤكد الوالدة نجلاء (34 عاما) أن “وضعنا كان سيئا جدا. فزوجي لا يعمل، ولم يكن من السهل علينا تأمين إيجار المنزل”. وتضيف “هنا وجدنا راحة نفسية. فالبيت جديد وواسع ونظيف، والأهم أننا لا نحمل همّ الإيجار”.
وأقامت عائلة غزال مؤقتا في مخيم في الرمثا (شمال الأردن) لمدة أسابيع بعد وصولها عام 2012، ثم خرجت منه لتستأجر منازل تركتها في العديد من المرات بسبب سوء أوضاعها.
ويقيم في الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقول السلطات إن عدد السوريين في المملكة يتجاوز 1.3 مليون لاجئ يعيش 80 بالمئة منهم خارج المخيمات في مدن وقرى أردنية.
ويقول غزال “كنا أمام خيارين إما العودة إلى المخيم أو إلى سوريا. إلى أن جاء الفرج عبر هذا المشروع”.
ويقع البيت ضمن مبنى بمنطقة سكنية قرب شارع عام وله نوافذ كبيرة ومداخل عدة، وحوله أشجار تحيط بالمبنى المؤلف من ثماني شقق في كل منها غرفتا نوم ومطبخ وحمام وصالة وغرفة جلوس.
وتسكن عائلة غزال البيت بموجب عقد إيجار (مجاني) ينتهي في مارس 2018، بناء على اتفاق المجلس مع صاحب العقار.
ويقول صاحب العقار مصطفى شطناوي (67 عاما)، وهو مهندس أردني متقاعد لديه تسعة أولاد ويقطن في إربد في مبنى آخر غير الذي أجّر شققه لعائلات سورية، إن “البرنامج يساعد الطرفين”. ويضيف “تواصلت مع المجلس النرويجي منذ عامين. وفي شهر أكتوبر 2016، أتممت بناء الشقق وأسكنت عائلات سورية بالاتفاق مع المجلس”.
ويوضح شطناوي أن “البرنامج ساعدني بنحو 25 بالمئة من الكلفة الإجمالية للبناء، وهو أمر جيّد نسبيا سهّل عليّ إنجاز المشروع”.
وينفّذ المجلس النرويجي البرنامج في نحو 140 قرية ومنطقة في شمال الأردن في كل من إربد وجرش وعجلون والمفرق. ويوفر إلى جانب السكن، فرص عمل يومية لعمال بناء في مناطق يعاني شبابها ندرة فرص العمل وكلفة عالية للبناء أو الإيجار.
ويقول مدير المشروع في المجلس النرويجي، رودريغو ميلو، إن المشروع “يشجّع الطرفين على التفاعل الايجابي”. ويضيف “هدفنا حفظ كرامة السوريين أيضا. وتبعا لوضعهم، نقدم الدعم لهم، إذ تحظى الأسر الأكثر ضعفا بإيجار مجاني”. ويرصد المجلس للمشروع الذي بدأ عام 2014 ما بين 3 إلى 5 ملايين دولار سنويا.
ويتلقى المجلس ومنظمات إنسانية أخرى في الأردن الدعم من الأمم المتحدة ودول مانحة لتقديم العون للاجئين بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. ويؤكد المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأردن محمد حواري أن “أكثر من 80 بالمئة من اللاجئين السوريين في الأردن تحت خط الفقر وهذا تحد كبير في حدّ ذاته”.