تقارير

عزوف الطلبة عن تخصصات الشريعة يهدد مستقبلها

 تعاني بعض التخصصات في مختلف الجامعات الأردنية من عزوف الاقبال من قبل الطلبة، وذلك إما بسبب محدودية فرص العمل التي تتيحها لهم هذه التخصصات أو لاسباب أخرى، ومنها على وجه الخصوص تخصص الشريعة، كما أن مساواة معدل القبول لهذا التخصص بتخصصات الهندسة والصيدلة وغيرها، يجعلها في أدنى سلم أولويات الطالب عند وضع خياراته في نموذج القبول الموحد.

ما إن يتجاوز الخريجين كابوس التوجيهي حتى يبدأ القلق بين الجميع حول معدلات القبول بالجامعات او التخصصات التي يختارها بعض الاهالي للطلبة، لكن يبقى عزوف الطلاب عن الدراسات الاسلامية سواء كانت بنظرة ايجابية او سلبية نحو التخصص، أمر مقلق، حيث تشهد الدراسات الاسلامية والشريعة عزوفا ملحوظا في نسبة الملتحقين به مقارنة مع التخصصات الاخرى.

وكان مجلس التعليم العالي قرر، رفع الحد الأدنى لمعدل القبول في تخصصات كليات الشريعة في الجامعات ليصبح (80 بالمئة بدلا من ٦٥ بالمئة)، على أن تتم دراسة آثار تطبيق القرار بعد مرور عام من صدوره، الأمر الذي انتقده بعض الأكاديميين في حينه واعتبروا أن القرار ‘سلبي ويخالف توصيات عمداء كليات الشريعة بهذا الخصوص’.

ودعا أكاديميون إلى ‘التراجع عن هذا القرار الذي سيؤدي الى موت بطيء لكليات الشريعة في البلاد، ولا يسهم في محاربة التطرف’، ملوحين باتخاذ إجراءات تصعيدية ‘لإسقاط القرار’.

المنسق العام للحملة الوطنية من اجل حقوق الطلاب ‘ذبحتونا’ الدكتور فاخر دعاس قال: إن مطلب الحملة كان رفعا تدريجيا للدراسات الاسلامية، وتقرّ وتقيّم التجربة بعد عام من تطبيقها، إلا أن وزارة التعليم اخطأت عندما رفعت الحد الأدنى للقبول بتخصص الشريعة بينما أبقت الحد الأدنى بتخصصات أخرى أكثر جذبا مثل الهندسة المدنية والصيدلة وبالتالي أصبحت المفاضلة بالنسبة للطالب في صالح التخصصات الأخرى.

وقال دعاس: “هذا أدى إلى نوع من العزوف بسبب تنوع الخيارات أمام الطالب. بالمقابل لا نرى أن تخفيض المعدلات سيؤدي إلى إنعاش هذا التخصص وذلك بسبب عدم الرغبة لدى الطالب في دراسة هذا التخصص لأسباب عديدة منها قلة توفر فرص العمل التي يوفرها.

وأضاف أن تخفيض المعدل سيؤدي إلى تردٍ في نوعية المخرج وبالتالي انعكاسه سلبا على المجتمع آخذين بعين الاعتبار أن خريجي الشريعة ممن يحالفهم الحظ في الحصول على فرص عمل يمثلون قادة للرأي العام وموجهون للفكر المجتمعي، فإذا كان الملقِّن يفتقر إلى الكفاءة فإنه حتما سيكون المتلقي أقل كفاءة.

وبين دعاس أن الطالب الحاصل على معدل ٨٠٪ لن يتجه نحو التخصصات الإسلامية في الوقت الذي يخوله معدله في الحصول على قبول في كليات الهندسة المدنية والصيدلة والمحاسبة، مشيرا إلى أنه هذا العام لم يسجل اي طالب في جامعة العلوم الاسلامية في اي قسم من اقسام الشريعة بينما تم قبول ٦ طلاب في جامعة آل البيت.

وشدد دعاس على انه يجب رفع رواتب ومكافآت الأئمة بالتوازي مع رفع المعدلات، حتى يتم تشجيع الطالب لدراسة الشريعة مقارنة مع التخصصات الاخرى مع معدل رواتبهم، واشار الى انه يجب توعية المواطنين بأهمية التخصص ودوره في المجتمع.

وفي الوقت الذي قال عدد من طلاب الشريعة أنهم اختاروا هذا التخصص بمحض إرادتهم، عزا آخرون تسجيلهم في كلية الشريعة للقبول الموحد وأنه لو كان لهم الخيار لاختاروا تخصصات أخرى لها مجالات أوسع في سوق العمل المحلي والخارجي.

الطالب حازم الكوفحي خريج تخصص الدعوة والاعلام من جامعة اليرموك قال في تصريح لـ عمون انه كان يبحث في دراسة تخصص الاعلام لكن معدله لم يسمح له بدراسة التخصص الذي يرغبه، فتوجه للبحث عن تخصص قريب له ليكتشف انه تم افتتاح قسم جديد في قسم الدراسات في كلية الشريعة الاسلامية يسمى الدعوة والاسلام له نفس المعدات والميديا لكن بقالب اسلامي.

من جهته اشار استاذ الجامعة الاردنية ووزير التنمية الاجتماعية الأسبق، الدكتور بسام العموش إلى ان أحد أسباب العزوف هو الفهم الخاطئ لدى المجتمع حول مخرجات تخصص الشريعة وأن نظرة المجتمع أفرادا ومجموعات لا تزال دون المطلب، مؤكدا أن غالبية الأهل يفضلون توجيه أبناؤهم إلى تخصصات أكثر قبولا في المجتمع مثل التخصصات الهندسية والطبية.

وقال العموش أن المردود المالي وفرصة الحصول علي وظيفة بعد التخرج لتخصص الشريعة تكاد تكون معدومة بالمقارنة مع باقي التخصصات، مشيرا إلى أنها محصورة في إمام مسجد أو موظف في وزارة الأوقاف أو في أحسن أحوالها معلم في التربية.

من ناحية أخرى ألقى العموش اللوم أيضا على الجهات الحكومية في عدم منح الحوافز من أجل تشجيع الطلاب على الانضام إلى الكليات الشرعية طوعا، مشيرا الى أن موظف الجمارك، علي سبيل المثال، يتقاضى رواتب وحوافز عالية، مقارنة مع ما توفره وظائف خريجو الشريعة.

وفيما يتعلق برفع المعدلات، قال العموش أنه ليس من الضرورة بمكان أن يكون أصحاب المعدلات العالية ذو نسبة ذكاء أعلى من أصحاب المعدلات المتدنية، مؤكدا أن الكثير من الحالات لها علاقة بالظروف المحيطة بالطالب وليس بنسبة ذكائه.

وقال أن على الدولة أن تدرك أن خريج الشريعة إذا ما حالفه الحظ وأصبح معلما أو إماما، فسيكون له تأثير بالغ علي المجتمع من جهة أن فكره يستأثر به الآلاف ممن يستمعون أو يتعلمون على يديه.

في تصريح سابق قال مدير التعليم الشرعي في وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية حاتم السليحات أن قرار مجلس التعليم العالي رفع الحد الادني لقبول نخصصات كليات الشريعة الى 80% سيؤثر على كافة الطلاب الراغبين بدراسة الشريعة.

واضاف السليحات ان القرار سيؤثر على الطلبة المبتعثين من قبل وزارة الاوقاف والطلبة الراغبين بدراسة الشريعة، معللآ ذلك بأن الطالب الحاصل على معدل 80% فما فوق لن يقوم بدراسة الشريعة لوجود مجالات وتخصصات عديدة متاحة له بحسب معدله، الامر الذي سيعمل على عزوف الطلبة على دراسة تخصص الشريعة.

إغلاق