قراءة التصريحات الرسمية المتعلقة بـ ‘عمان الجديدة’ تدعو إلى الحيرة. إذا كانت لدينا القدرة على إشهار مشروع ضخم بهذا الحجم، فهذا يعني أن لدينا القدرة المالية على ذلك، وهو ما ينفي المبررات الرسمية للسياسة الاقتصادية المتبعة.
أربك تصريح رئيس الوزراء هاني الملقي الناس. لقد حاروا فيه حقا، حتى قالوا إنها تحضرات لوجستية ‘للوطن البديل’، وكأن عقبة العدو الطامح لتطبيق ‘الوطن البديل’ عقارية. وكأنه يوم يريد صناعة الفوضى سيقلقه مسألة إسكان الناس. هذا في اية حال تفسير يجري استدعاءه في كل مرة يعلن فيه عن بناء مشروع كبير.
عموما، هذا مذهب من المذاهب التي راح الناس فيها يفكفكون ألغاز التصريح. أما المذهب الثاني، فالذي ذهب به آخرون نحو السخرية منها، مرددين أن من عجز على مدى أكثر من عقد عن تجهيز باص أرادوه سريعا، فاستبطأه الناس حتى ملّوا، هل سيتمكن من إشهار مدينة بحاجة الى استعدادات تحت الارض وفوقها وفي سمائها أيضا.
للرأي العام الاردني كل الحق بالحيرة. ففي الحقيقة، إذا أنت وضعت مشروع ‘الباص السريع’ على مشروع ‘الطريق الصحراوي’، وأضفت عليهما نكهة التناقضات في ‘التصريحات الرسمية’ في ملفات لا حصر لها، ثم زدت عليها شيئا من عوز المملكة المالي، وجعلتها تغلي على نار هادئة، ستحصل من هذه الخلطة على كعكة مرتبكة من فهم الناس لما أراده رئيس الوزراء من ‘عمان جديدة’.
أما من حيث سؤال الناس عن القدرة المالية للدولة أمام مثل هذا المشروع، فهو سؤال وجيه، فإذا كانت كل الأسباب الموجبة التي تحدثت عنها الحكومة لتشكيل مناخ مقبول شعبيا من أجل فرض الضرائب على المواطنين هو (أن علينا الاعتماد على أنفسنا في شؤوننا المالية)، وأن احدا لم يعد يساعدنا، فكيف سنتمكن من توفير المال اللازم لبناء عاصمتنا الجديدة، أو حتى مبانيها الرسمية – على حد التصحيح الذي ورد على لسان مصادر رسمية التي قالت إن العاصمة الجديدة ستكون نواتها الدوائر الحكومية ثم تكبر وتكون ضمن مخطط شمولي جاهز.
ربما هناك عمان جديدة يجري التخطيط لها تدريجيا على مدى عقود طويلة.. وربما ان رئيس الوزراء اخطأ التعبير تحت إغراء الفكرة.