مقالات وكتاب
الضريبة في حوار العبادي
بقلم : خلود الخطاطبة
“الدولة بدأت تتحرك، وتنقل بعض الموظفين اللي عليهم شبهة، قامت الدنيا وما قعدت”، هذا ما قاله نائب رئيس الوزراء ممدوح العبادي في معرض حديثه عن دائرة ضريبة الدخل خلال المقابلة التي أجراها مع احدى المحطات التلفزيونية الحالية عشية تسلمه لموقع رئيس الوزارء بالوكالة عن الرئيس هاني الملقي الذي غادر للعلاج.
هذه المرة الاولى التي تقول الحكومة فيها صراحة سبب النقل الحقيقي لمجموعة من الموظفين قبل شهر رغم ما رافق هذه القضية من ضجة تخللها اتهامات لاطراف عديدة، الأغرب في هذا الامر الية تعامل الحكومة مع هذا الملف رغم قناعتها بوجود “شبهات” على بعض الموظفين، في دولة تحكمها المؤسسات والقانون وننادي فيها دوما بمحاربة الفساد.
بصراحة التصرف الحكومي مع هذا الملف يخرج عن اي اطار مؤسسي تنتهجه الدول او الحكومة، واستغرب كيف صدر من مسؤول رفيع بحجم “ابو صالح”، فالتصرف الحقيقي للحكومة في هذا الصدد بدلا من الضجة التي اثيرت حول القضية، احالة من يتورط بشبهات فساد الى القضاء، وعدم التغطية على الفساد بتوسيع مساحته، في حال صدقت الحكومة بما تدعي، وهذا لا يثبته الا القضاء.
يقول نائب رئيس الوزراء “صحيح لا زلنا لليوم مقصرين ما نظفنا هذه الدوائر الثلاث” في سياق حديثه عن دوائر الجمارك وضريبة الدخل والأراضي والمساحة، كيف يكون التنظيف وقد نقلت الحكومة “الشبهة” إن صحت، من دائرة ضريبة الدخل الى أكثر من دائرة حكومية، وهل يمكن للحكومة اتخاذ قرارات ادارية بهذا الحجم استنادا لشبهة فقط لم يحقق فيها الادعاء ولم ينظرها القضاء.
أي منطق تعمد اليه الحكومة في التعامل مع شبهات فساد، وأي “ثورة ادارية” كما يقول العبادي، ستطلقها الحكومة اذا كانت القرارات التي تتخذ تكتفي فقط في ابعاد “الشبهات” عن مؤسسة حكومية معينة وتصديرها الى مؤسسات حكومية أخرى لا تقل أهمية عن غيرها، فلماذا تحديدا تكون الشبهة في مؤسسة الضريبة غير مقبولة وفي المؤسسة الفلانية مقبولة، مع أن “الشبهة” قائمة والمال العام واحد.
وبما أن وزير المالية الدكتور عمر ملحس “مش سياسي” بمعنى “صادق وجاد” وفقا لممدوح العبادي، كان الأولى أن يحيل الملف “الشبهة” في ضريبة الدخل الى المدعي العام لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق من يثبت تورطه بالفساد، بدلا من أن يكافئهم بنقلهم الى دوائر حكومية أخرى، ويشغل الرأي العام في قضيتهم لمدة شهر تقريبا.
“يا عمي ما حاكمناهم ما عاقبناهم”، مستنكرا رئيس الوزراء بالوكالة حجم ردود الفعل على قضية نقل بعض الموظفين من الضريبة، وكان يجب ان يعرف الدكتور “ابو صالح” وهو من كان دوما اقرب الى المعارضة، بان رد الفعل الشعبي على نقل موظفي الضريبة كان بسبب عدم اطلاع الحكومة الرأي العام على قرارها انذاك، ولم تكن الحكومة شفافة كعادتها في مختلف القضايا الاخرى، فاذا كان هناك لوم في هذا الصدد فان الحكومة هي الملامة.
نتمنى ان لا تكون الثورة الادارية التي تعتزم الحكومة تنفيذها بنفس مستوى قرارها فيما يتعلق بضريبة الدخل، ونتمنى أن تكون ثورة حقيقية تمكننا من رؤية مؤسسات حكومة خالية من الفساد الاداري، وتعمل وفق أسس ومناهج هدفها تقديم خدمة مثلى للمواطن، ويسود فيها القانون ولا شيء غير القانون مثل بعض الدوائر الحكومية التي وصفها الدكتور ممدوح العبادي خلال حواره بانها “ولا كنها في الاردن”.