مقالات وكتاب
لماذا يلام المواطن؟
بقلم: خلود الخطاطبة
لا أعرف لماذا لا تزال الحكومات تلوم المواطن عندما يعبر عن فقدان أمله بما تعلنه من خطط وبرامج مستقبلية، فالحالة التي يشعر بها المواطن ليست من صنع يديه وانما من السياسات الحكومية المتلاحقة التي لم توفي بما وعدت وأعدت من استراتيجيات وخطط خمسية وعشرية وأجندة وطنية، فالشواهد كثيرة.
لا يمكن تعميم تجربة حكومة على أخرى، الا أنه وللأسف فان التجارب السابقة للمواطن تدفعه الى عدم الإيمان بأي خطط مستقبلية يمكن أن يتم اعلانها، في وقت تبحث فيه الحكومات فقط عن رفد موازناتها بضرائب دون أن تنعكس نهائيا على الوضع المعيشي للمواطن والموظف العام الذي لم يتلقى ولو زيادة بسيطة على راتبه منذ عشرة سنين.
لوم المواطن أو حتى قادة الرأي في المجتمع، على عدم قناعتهم بجدوى الخطط الحكومية وجديتها في التنفيذ، أمر غير طبيعي بصراحة، ويدخل في باب التشكيك بالمواطن الذي صبر وتعب مع الحكومات السابقة ولم يجد نتيجة حتى الآن، وفي النهاية وعندما يعبر عن عدم قناعته يتهم بأنه من “المتخلفين” ومن “واضعي العصي بالدواليب”.
الأمر أبسط من ذلك، المواطن بحاجة الى أن يرى تقدم في وضعه المعيشي وفق مؤشرات على الأرض، وليست ضمن أوراق وأحلام، كما أنه لا يستطيع أن يصبر أكثر من ذلك، فهو الآن فعل كل ما عليه، ضريبة المحروقات في حدها الأعلى، أسعار الكهرباء في حدها الأعلى، أسعار الخبز تم رفعها، 63% من دخل المواطن يذهب للبنوك، تعليم وعلاج حكومي متواضع، شبكات نقل شبه معدومة، ضريبة الدخل والمبيعات لا سابق لها، حتى أسعار الخضار لحقت بالركب.
هل هذا المواطن يمكن لومه، أم أنه يجب أن يشكر؟، وأمر محزن عندما يصل الأمر بناطق باسم وزارة في معرض ترويجه لخطط التشغيل الحكومية، بأن يقول أن هناك من يضعون العصي بالدواليب، وكان من الأفضل له ولأي مسؤول حكومي أن يبدأ حديثه دوما بتوجيه الشكر للمواطن الأردني الذي أضحى مطلوبا منه أن يصفق لكل الإنشاء في الخطط أو يتهم بأنه من المتخلفين عن ركب “التقدم”.
لا تطلبوا من المواطن الأردني، أكثر من ذلك، فلقد فعل كل ما عليه، والآن يأتي دور الحكومات لترد له جزء من الجميل، وهو أن يشعر حقيقية بتحسن في مستوى معيشته وتعليمه ومواصلاته وعلاجه، ويجب أن لا يضير أي حكومة تريد أن تعمل وتحقق وتنجز ما يقال عنها أو حتى أن يضيرها مستوى الثقة فيها، فهي المسؤولة على ترسيخ الثقة لدى المواطن وهي المسؤولة عن افقادها له.
المسميات ليست ضرورية “برنامج اصلاح” أو “النهضة” أو “خطة عشرية” أو برنامج وطني، لتسمه الحكومات بما شاءت، لكن ما يريده المواطن أن تكون هذه البنود حقيقية وقابلة للتنفيذ وتنعكس على حياته ايجابا، عندها سيتحقق الأمر الأهم في هذه المعادلة، وهو اعادة ثقة المواطن بحكوماته، وستتوقف “الملامة” بين الطرفين.