يسعى الأردن الذي تشكل الصحراء معظم مساحته، إلى زيادة الغطاء الحرجي من خلال مشروع لزراعة عشرة ملايين شجرة خلال عشر سنوات، في خطوة “ضرورية” بعدما فتكت الحرائق والتغير المناخي بمساحات خضراء واسعة في المملكة.
ويقول مدير مديرية حماية الطبيعة في وزارة البيئة بلال قطيشات “لا نسعى لزراعة جميع المناطق، فلكل منطقة خصوصيتها وطبيعتها، نعمل على إعادة تأهيل المناطق القابلة للزراعة لتكون خضراء”.
ويشير إلى أن مشروع التحريج الوطني “ضروري جدا لتعويض ما نفقده من أشجار نتيجة الحرائق والتغير المناخي”.
ويوضح قطيشات أن “معظم مساحة الاردن طبيعة صحراوية، والغابات تشكل أقل من واحد في المئة، من الضروري أن نعوض ما نفقده من اشجار ونزرع مساحات أوسع لمواجهة التصحر”.
وشارك نحو 150 شخصا في إطلاق المشروع الذي بدأ بزراعة 30 ألف شتلة خروب وكينا في كفرنجة في محافظة عجلون (نحو 70 كلم شمال عمان)، في تلة يمكن منها مشاهدة جبال الضفة الغربية غربا، وجبل الشيخ شمالا إذا كان الجو صافيا.
وضم هؤلاء موظفين من وزارة الزراعة ووزارة البيئة ومتطوعين، بينهم محمد العنانزة (11 عاما) ووالده مصطفى اللذان شاركا في زراعة الشتول.
ويقول الفتى مبتسما وهو يغرس شتلة خروب “منظر الأشجار في منطقتنا جميل، مؤسف أننا خسرنا الكثير منها نتيجة حرائق”، مؤكدا أنه “يجب أن نتعاون لنحافظ عليها”.
ويقف جده السبعيني محمود عنانزة ذو العينان الزرقاوان والوجه البشوش مرتديا زيّاً تقليدياً وهو يراقب حفيده محمد.
ويقول المزارع الذي يقطن بلدة دحوس قرب موقع انطلاق المشروع “ولدت في المنطقة وأعرفها منذ صغري. زراعة أشجار حرجية مثل السرو والكينا والزيتون والخروب والبلوط تنجح فيها 100 بالمئة”.
ويهدف المشروع لزراعة عشرة ملايين شجرة في المملكة خلال عشر سنوات، وقد بدأ تنفيذه في 11 شباط/فبراير بزراعة 30 ألفا في كفرنجة، و30 ألفا أخرى في الكرك (118 كيلومترا جنوب عمان) ومثلها في الطفيلة (179 كيلومترا جنوب عمان).
– “رئة الأردن” –
وتتعرض غابات الأردن كل عام تقريبا لحرائق تنتج غالبا عن ارتفاع الحرارة صيفا، أو بسبب إهمال المتنزهين الذين يشعلون النار أو يلقون بأعقاب سجائرهم.
ويقول وزير الزراعة عند إطلاق المشروع محمد داودية لوكالة فرانس برس إن “الكارثة الكبرى تكمن في الحرائق، فالتحطيب لا يزيد ضرره عن واحد بالمئة”.
وسجلت وزارة الزراعة 499 حريقا خلال عام 2020 في مناطق حرجية وغابات.
والتهم حريق في عجلون في تشرين الأول 2020 نحو 500 دونم تضم أشجار زيتون وأخرى حرجية، كما أتى آخر في غابة في محافظة جرش (نحو 50 كيلومترا شمال عمان) عام 2019 على 800 دونم مزروعة بمحاصيل مختلفة.
ويؤكد قطيشات أهمية الغابات للتنوع الحيوي ومكافحة التصحر والتخفيف من الانبعاثات وآثار التغير المناخي، موضحا أن البداية جاءت من كفرنجة في عجلون “لأنها تمثل رئة الأردن”.
ويشير إلى زراعة أشجار “محلية وطنية كالكينا والسدر والخروب”، وهي أجناس لا تحتاج لكميات كبيرة من مياه الري إلا في أشهرها الأولى وفق أخصائيين محليين.
ويعد داودية بأنه “خلال أربع الى خمس سنوات، ستصبح النتائج واضحة”.
– الزراعة وحدها لا تكفي –
وتشكل الغابات أقل من واحد بالمئة من مساحة الأردن البالغة 89 ألفا و342 كيلومترا مربعا. كما تضم المملكة 23 مليون شجرة مثمرة، نصفها تقريبا من أشجار الزيتون.
وتشكل “غابة برقش” و”غابة الشهيد وصفي التل” في محافظة البلقاء (غرب عمّان) ومساحتها 7 آلاف دونم، أكبر غابات الاردن.
ويقول داودية إن الأشجار المزروعة في إطار المشروع تراعي “التنوع الذي يلائم البيئة هنا وأيضا النحل المؤمل أن يرفدنا بكميات عسل إضافية تعزز الانتاج الوطني”.
وينتج الأردن ما معدله 250 طن من العسل سنويا، وفقا لاحصاءات رسمية.
ويصف داودية برنامج التحريج الوطني بأنه “طموح” و”واقعي” في آن، إذ إن مشاتل وزارة الزراعة الأردنية تنتج 2,5 مليون شتلة حرجية سنويا، “أي أننا نستطيع زراعة عشرة ملايين شجرة خلال أربع سنوات”.
غير أن الوزير السابق يؤكد أن الزراعة وحدها لا تكفي، مؤكدا ضرورة أن “تتوازى عملية الزراعة مع حماية الغابات ورعايتها” بمواجهة خطر الحرائق.
ويؤكد وجود “برامج علمية ممتازة الآن لمواجهة الحرائق مثل الإنذار المبكر، وتوفير دفاع مدني متخصص بإطفاء الحرائق، فضلا عن شق طرق جديدة للغابات ومد أنابيب مياه للاستخدام عند اللزوم وتشديد الحماية”.
المصدر: رؤيا الإخبارى