سياحة

الأردن واجهة جذب سياحية في الأسواق العالمية

رغم الصورة السلبية التي تكوّنت عن القطاع السياحي العربي بصورة عامة بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المحيطة بالمنطقة، فقد استطاع القطاع السياحي الأردني تسجيل نتيجة إيجابية في الربع الأول من هذا العام حسب وزيرة السياحة والآثار لينا عناب من خلال الإجراءات والمبادرات التي اتخذتها الحكومة من أجل دعم القطاع السياحي، حيث استمرت مؤشرات أداء القطاع السياحي في تحقيق نتائج إيجابية خلال الربع الأول لتمضي الجهات المعنية بالقطاع السياحي قدماً في دعم القطاع لما له من مزايا تنافسية وقدرة على خلق فرص عمل جديدة وزيادة المساهمة في الدخل القومي.

وأكد مدير عام هيئة تنشيط السياحة عبدالرزاق عربيات أنه في الوقت الذي بات فيه الترويج السياحي ضرورة ملحّة في ظل ازدياد حدة المنافسة بين بعض الدول تعمل الهيئة وفق نظام يهدف إلى تولي وتوحيد عمليات الترويج والتسويق السياحي للأردن، وذلك عبر الإسهام في خلق الطلب على المنتج السياحي، حيث تستخدم الهيئة أفضل الاستراتيجيات التسويقية لوضع الأردن على الخارطة السياحية للعالم ليصبح الأردن مقصدا رئيسيا للسائح في الأسواق العالمية.

ولفت عربيات إلى أنه تم اعتماد الاستراتيجيات اللازمة لعكس صورة الأردن كمنتج سياحي يتمتع بالأبعاد الحضارية الطبيعية والدينية بالإضافة إلى تقديمه روح المغامرة والمتعة لزوّاره من مختلف أنحاء العالم.

مضيفا أن الهيئة وضمن خطتها الترويجية للعام الحالي نظمت العديد من المعارض السياحية شملت العديد من الدول المستهدفة والمصدرة للسياح وبمشاركة من القطاع السياحي الأردني والمعنيين في القطاع السياحي بهدف تعريف شركات السياحة والسفر في تلك الدول بالمنتج السياحي الأردني ومزاياه الفريدة والمتنوعة.

كما أشار إلى خطط الهيئة لاستقطاب السياحة الخليجية بهدف إنعاش القطاع السياحي في المملكة واستقطاب السياح والزوار من الخليج وفقاً للفئات الثلاث المستهدفة وهم المواطنون الخليجيون والمغتربون الأردنيون والمقيمون الأجانب، مبينا أنه تم اختيار الوقت الأمثل لإطلاق الفعاليات التسويقية والحملات المختلفة لاستهداف السياح في مجلس التعاون الخليجي بحيث تتناغم مع وقت تخطيطهم للسفر قبيل فترة العطل الرسمية لطلبة المدارس وشهر رمضان المبارك والأعياد الوطنية والرسمية والدينية.

الأردن يعدّ من الدول الرائدة في مجال الاستشفاء والسياحة العلاجية بموارده الطبيعية العلاجية من المياه المشبعة بالمعادن وشلالات المياه الساخنة وغيرها

مهد الحضارات والأديان

عرف الأردن السياحة الدينية منذ القدم عندما كان يفد إليه الكثير من الزائرين لزيارة المعالم الدينية والمساجد والأضرحة رغبة منهم في توسيع دائرة الثقافة الدينية لديهم وممارسة الطقوس المختلفة.

وتصنّف مواقع السياحة الدينية في الأردن إلى مواقع السياحة الدينية الإسلامية ومواقع السياحة الدينية المسيحية، مثل مواقع الحج المسيحي كالمغطس وجبل نيبو، إضافة إلى انتشار العديد من الكنائس المسيحية والتي تعود إلى عصور تاريخية مختلفة.

وتعتبر السياحة الدينية صناعة مهمة في كونها تشبع الحاجات الروحية للأفراد وتمثل مورداً للعملات الأجنبية.

وتولي الجهات المعنية الأردنية اهتماماً بالغاً بالمواقع السياحية الدينية وخاصة المسيحية منها، مثل تلك المواقع الخمسة المعتمدة من قبل الفاتيكان لأداء الحج المسيحي والتي تشمل موقع المغطس وتل مار إلياس، وسيدة الجبل عنجرة، وجبل نيبو في مادبا ومكاور.

وقامت وزيرة السياحة والآثار لينا عناب ووفد مرافق بزيارة إلى لبنان مؤخرا بهدف تسويق وترويج الأماكن الدينية المسيحية في الأردن حيث يعتبر الأردن الأهم في السياحة الدينية المسيحية، لكونه أرضا مقدسة شهدت معمودية السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان، ورسالة انطلاقة الديانة المسيحية في العالم.
بوابة الاستشفاء

تعدّ الأماكن التي يستطيع المرء الحصول فيها على الشفاء الجسدي قليلة نسبياً وربما تكون الأماكن في الأردن من تلك القليلة التي يختفي فيها المرض الجسدي مع التحسن النفسي العاطفي.

ويعود ذلك إلى الطبيعة الخلابة المتوفرة في الأردن، بمواردها العلاجية المختلفة، بدءاً بالمياه الحارة الغنية بالمعادن مروراً بالوحل البركاني والمناخ المعتدل وانتهاء بالمناظر الطبيعية الخلابة والمناطق الأثرية الكثيرة.

والأردن يعدّ من الدول الرائدة في مجال الاستشفاء والسياحة العلاجية بموارده الطبيعية العلاجية من المياه المشبعة بالمعادن وشلالات المياه الساخنة وغيرها.

http://www.alarab.co.uk/empictures/inpics/
سيلفي في مسرح الرومان
وتتنوع مواقع العلاج الطبيعي والسياحة العلاجية في الأردن، ولعل أبرزها العقبة التي تمتاز بمياهها المعدنية والكبريتية وجوّها الجاف الخالي من الرطوبة، إضافة إلى ما تحتويه تربتها من رمال تصلح لعلاج العديد من الأمراض، ومياه بحرها بما لها من خواص طبيعية مفيدة وغنية.

وتنتشر في الأردن العيون المائية والمعدنية التي تمتاز بتركيبها الكيميائي الفريد، والذي يفوق في نسبته جميع العيون المائية الساخنة والمعدنية في العالم، مثل حمامات ماعين وعفرا جنوب العاصمة عمان، والتي ترتفع 120 مترا عن سطح الأرض، وبها عيادات تستكمل العلاج السياحي، علاوة على توافر “الطمي” في برك هذه العيون الكبريتية بما له من خواص علاجية تشفي العديد من أمراض العظام والجهاز التنفسي والأمراض الجلدية وغيرها.

ويعتبر البحر الميت منطقة دافئة ومشمسة طيلة العام، والذي يشتهر بطينه الأسود الغني جدا بالأملاح والمعادن كما أن ملوحة مياه البحر الميت تساعد في شفاء الكثير من الأمراض الجلدية المتعددة، إضافة إلى وجود الكالسيوم والمغنيسيوم والبروم من بين أملاح البحر الميت ما يجعل التركيبية الفريدة من الأملاح والمعادن في تلك المياه أحد المصادر الهامة للاستشفاء الطبيعي والذي يشرف عليه في المنتجعات المتوفرة مجموعة من الأشخاص ذوي الاختصاص.

وبالانتقال إلى منطقة الحمة الأردنية التي تقع على بعد 100 كيلومتر إلى الشمال من عمان وتعتبر واحدة من أكثر المواقع العلاجية والسياحية الحيوية في المنطقة، حيث تم تأسيس منتجع وبعض العيادات التي توفر العديد من الخدمات لزائري تلك المنطقة، وهنالك مركز للأشخاص الذين يعانون من أمراض ومشاكل في الجهاز التنفسي علاوة على مراكز توفر العلاج من الأمراض الجلدية والأمراض المتعلقة بالجهاز العصبي والمفاصل.

وفي جنوب الأردن وعلى بعد 26 كيلومترا فقط من الطفيلة تنطلق المياه الحارة من أكثر من 15 مصدرا لتملأ أجواء المكان بالمعادن الشافية فيما يعرف بـ”حمامات عفرا”، حيث يقول الخبراء إن هذه المياه على وجه التحديد لديها قوة هائلة على معالجة العقم والدوالي وفقر الدم والروماتيزم. ولقد تم بناء مركز للخدمات العامة بجانب المطعم والعيادة الطبيعية.
البترا الوردية

مدينة البترا الوردية المنحوتة في الصخر الوردي على يد العرب الأنباط قبل أكثر من ألفي عام تعد جوهرة الأردن وهي الشاهد الحيّ على عظمة الدولة العربية النبطية، حيث كانت قد فازت بالمركز الثاني خلال حفل كبير في لشبونة بالبرتغال في 7 يوليو 2007 حصدت فيه أكثر من 22 مليون صوت للتصويت لعجائب الدنيا السبع.

وتعتبر البترا الأثرية من أهم المواقع السياحية حيث تشكل ما نسبته 80 بالمئة من إجمالي إيرادات المواقع الأثرية والسياحية في المملكة إضافة إلى أنها نقطة جذب رئيسية للسياحة في الأردن بحسب عوني قعوار عضو المجلس الوطني للسياحة.

وتكاد تكون البترا جزءا من الجنة بحسب اعترافات تصدر عن كل زائريها، خاصة عندما يروون عراقة المكان وسكون الزمان والجمال، المدينة حفرت في صخر وادي موسى الوردي، ولذا سميت بالمدينة الوردية، وهي مدينة متكاملة يستطيع السائح أن يرى فيها كل المعالم الأساسية للمدينة من “الخزنة” وهي “بيت الحكم”، إلى المدرجات العامة التي بنيت للاحتفالات والاجتماعات العامة، إلى “المحكمة” وأماكن العبادة، وحتى بيوت أهلها المحفورة في صخرها الوردي الملون، كما تتميز بمدخلها المحكم، فقد حفرت بين جبال شاهقة صلدة مع شق ضيق “السيق” الذي تظهر على جانبيه بقايا غرف الحرس ومناطق المراقبة.

القلاع التاريخية على امتداد الأراضي الأردنية ما زالت شاهدة لتعبّر عن الحضارات التي سكنتها مثل ‘قلعة الكرك’ التي تقع في مدينة الكرك في جنوب الأردن
وتتنوع الأماكن الأثرية في عمان مثل المدرج الروماني والذي يقع في الجزء الشرقي من العاصمة عمّان على أحد التلال المقابلة لقلعة عمان، حيث استعمل المدرج الروماني للعروض المسرحية والغنائية والفنية والذي يتسع إلى نحو 6000 متفرج، إضافة إلى “سبيل الحوريات” الذي يعود إلى الفترة الرومانية في القرن الثاني الميلادي، و”جبل القلعة” الذي ما زالت بقايا قصور العمونيين ماثلة فيه، ومنها جدران الأسوار والآبار المحفورة في الصخر الجيري، بالإضافة إلى العديد من المعالم الأثرية المختلفة المنتشرة في عمان.

ويحتوي الأردن على العديد من المحميات الطبيعية مثل محمية الأزرق التي تقع في الصحراء الشرقية، ومحمية الشومري التي تعد أول محمية للأحياء البرية في الأردن، إضافة إلى العديد من المحميات الطبيعية الأخرى مثل ضانا والموجب وغابات عجلون.

كما تبرز القلاع التاريخية على امتداد الأراضي الأردنية والتي ما زالت شاهدة لتعبّر عن الحضارات التي سكنتها مثل “قلعة الكرك” التي تقع في مدينة الكرك في جنوب الأردن، و”قلعة الشوبك” التي تبعد نحو ساعة عن مدينة البترا، و”قلعة عجلون” التي تشكل معلماً أثرياً تاريخياً بارزا في محافظة عجلون وتقع على رأس جبل منيف، إضافة إلى العديد من القلاع والقصور الصحراوية.

وانتقالاً إلى ثغر الأردن الباسم تحتل العقبة مكانة متميزة على خارطة الأردن السياحية فضلاً عن أهميتها الاقتصادية إلى جانب اعتبارها نقطة انطلاق هامة لزوار الأردن القادمين إليه لاستكشاف المعالم التاريخية والأثرية في المناطق الجنوبية من البلاد كالبتراء ووادي رم ومحمية ضانا وغيرها من المواقع.

كما لا يمكن الحديث عن المواقع الأثرية دون المرور على مدينة جرش التاريخية، فقد تم الكشف عن هذه المدينة الرومانية التي كانت تغطيها الرمال قبل أكثر من سبعين عاماً، فظهرت إلى الوجود مدينة كاملة بشوارعها المبلطة والمعبدة وهياكلها مرتفعة القمم ومسارحها ومدرجاتها وساحاتها إلى جانب الميادين والحمامات والشلالات والأسوار.

إغلاق