سياسة
تطورات على جبهة تعز تعدل خارطة السيطرة الميدانية في اليمن
تحاول سلطنة عمان إعادة تحريك جهود السلام اليمني المجمّدة، في وقت تشهد فيه جبهات القتال بين المتمرّدين الحوثيين المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح والقوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا، تصعيدا أدخل تغييرات جزئية على خارطة السيطرة على الأرض أكثرها وضوحا انتزاع مواقع هامّة في محافظة تعز بجنوب غرب البلاد من أيدي المتمرّدين.
وقال مصدر حكومي يمني، الثلاثاء، إن مسقط تقود جهودا لرأب الصدع بين الأطراف اليمنية واستئناف مشاورات السلام، وذلك بعد أيام من فشل جولة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى العاصمة صنعاء.
وأوضح المصدر لوكالة الأناضول أن “عمان قامت بالترتيب لعقد لقاءات بين طرفي النزاع في اليمن، وتمّ من أجل ذلك استدعاء وزير الخارجية اليمني، عبدالملك المخلافي، في مقابل حضور ممثلين عن وفد الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح”.
ولفت إلى أن “اللقاءات ستكون برعاية سفراء الدول الكبرى، وإشراف الأمم المتحدة”.
وميدانيا حقق الجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي، اختراقا هو الأول منذ ما يقارب العام في تعز. وأكدت مصادر محلية لـ”العرب” أن شرق المدينة شهد اشتباكات متواصلة بين الجيش الوطني وميليشيا الحوثي وصالح أسفرت عن تمكّن القوات التابعة للشرعية من تحرير مساحات واسعة من منطقة القصر الجمهوري في ظل استماتة كبيرة للانقلابيين دفاعا عن تلك المنطقة.
ووفقا لمصادر “العرب” فقد تمكّنت قوات الجيش من استعادة معظم أجزاء القصر الجمهوري والمناطق المحيطة به بمساندة جوية من التحالف العربي، ما يجعل تلك القوات في موقع متقدّم يمكنها من استكمال تحرير المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي وقوات صالح شرقي تعز مثل معسكر التشريفات والأمن المركزي وتبة سوفتيل وتبة السلال، ومن ثمّ التوغل باتجاه آخر معاقل المتمرّدين في حوبان.
مزاج دولي أكثر تفهما لمساعي التحالف العربي لحسم ملف الصراع في اليمن وتجنيب شعبه المزيد من ويلات الحرب
وكانت القوات التابعة للشرعية اليمنية قد شنّت هجوما مباغتا على القصر الجمهوري الذي تتحصن فيه قوات تابعة للحرس الجمهوري الموالي للرئيس السابق واستولت على معدات عسكرية من بينها عربات مصفحة.
وبشأن تفاصيل المعركة أكد الصحافي اليمني توفيق السامعي في تصريح لـ”العرب” نقلا عن مصادر ميدانية أن الجيش استطاع اقتحام القصر من الناحية الغربية والدخول إليه بالرغم من أنه يقع بين معسكرات وثكنات عسكرية. وقال إن عملية تمشيط القصر من الداخل وتطهيره من الألغام قد بدأت بحذر.
وعن أهمية تحرير القصر الجمهوري، أشار السامعي إلى أن العملية تحمل رمزية كبرى وهو ما يفسر حالة الاستماتة الكبيرة التي أظهرها المتمرّدون دفاعا عنه، إضافة إلى أنّ موقعه المطل على معسكر الأمن المركزي يمثل البوابة الشرقية لمدينة تعز ومدخلا لتحرير باقي أنحاء المدينة.
وعلى صعيد سياسي يرجح العديد من المراقبين أن يسهم تحريك الجمود في الجبهات العسكرية في إطلاق الحراك على مسار التسوية التي توقفت منذ الإعلان عن انتهاء مشاورات السلام اليمنية التي استضافتها الكويت في أغسطس 2016.
وفشلت مساعي المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد المتكررة في إحداث أي تقارب بين الفرقاء اليمنيين، في ظل حالة الجمود التي اتسم بها المشهد اليمني على الصعيدين السياسي والعسكري وتشبث كل طرف بما حققه خلال الفترات السابقة من مكاسب.
وأصبحت منظمة الأمم المتحدة أقرب إلى حالة السلبية والعجز عن إحداث أي خرق في الملف اليمني، وذلك بسبب معالجاتها المرتبكة للملف وعدم حرصها على تنفيذ قرارات واضحة في إدانتها للمتمرّدين الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
واعتبر المحلل السياسي فارس البيل في تصريح لـ”العرب” أن تحرير مناطق مهمة في تعز وتقدّم الجيش هناك، وإن كان بطيئا ومتأخرا نتيجة عوامل كثيرة ومتشابكة، يعد تحوّلا ذا دلالة نظرا للثقل الذي تمثله تعز في معركة تحرير كامل الساحل الغربي، وصولا إلى الحديدة بمينائها الاستراتيجي، وذلك بعد تحرير مديرية المخا الواقعة إلى الشمال من تعز والتي تحوي بدورها ميناء كان المتمرّدون يستخدمونه في نقل الإمدادات العسكرية وتهديد الملاحة البحرية.
ويقول متابعون للشأن اليمني إن نجاح سلطنة عمان في جمع الفرقاء اليمنيين مجدّدا حول طاولة الحوار قد يكون الفرصة الأخيرة أمام المتمرّدين لتجنّب عمل عسكري واسع النطاق من قبل التحالف العربي في ظلّ مزاج دولي يبدو أكثر تفهّما لدوافع التحالف ومساعيه لإقفال ملف الصراع في اليمن وتجنيب البلد المزيد من ويلات الحرب.