الأسرة والطفل

التلفزيون والعادات اليومية من أسباب الخلافات الزوجية في رمضان

البعض يتخذ من نقص الطعام والتدخين سببا لإثارة المشاكل، لا سيما أن طبيعة الصائم في رمضان تكون في حالة من عدم الاستقرار، وبناء عليه تكون قراراته سريعة وغير متزنة، هذا ما أكده قاضي القضاة في الضفة الغربية محمود الهبّاش.

وأصدر الهبّاش تعميما على المحاكم الشرعية في الضفة الغربية، يتم بموجبه منع تسجيل حالات الطلاق، إلى ما بعد انقضاء شهر رمضان.

وقال الهباش في بيان صحافي الأحد إن هذا الإجراء جاء بناء على تجارب واجهت المحاكم خلال شهر رمضان في الأعوام الماضية، حيث “يتخذ بعض الأزواج قرارات سريعة وغير متزنة بسبب الصيام”.

وأضاف أنه سيتم تسجيل بعض حالات الطلاق خلال شهر رمضان إذا “اقتضت الضرورة ذلك فقط”، بالاعتماد على “تقارير دائرة الإرشاد والإصلاح الأسري لتبيان مدى ضرورة سماع وتسجيل حجة الطلاق”.

وفي دراسة أجراها خليفة المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري في دبي، وجد أن هناك علاقة وطيدة بين الساعات التي يقضيها الزوجان أمام شاشة التلفزيون في رمضان وبين حجم الخلافات والمشاكل التي تقع بينهما، حيث تزيد الخلافات كلما زاد عدد ساعات مشاهدة التلفزيون.

وأثبت المستشار الأسري أن حوالي 84 بالمئة من الأزواج يعتقدون أن إدمان أحد الطرفين على مشاهدة الأعمال الفنية التي تعرض على شاشات التلفزيون في رمضان هو السبب الأول وراء حدوث المشاكل، في حين وجد أن 45 بالمئة من الأزواج يتشاجرون يوميا بسبب الجلوس لمشاهدة التلفزيون، والتي تصل فيه ساعات البث إلى أكثر من 760 ساعة عرض.

الأزواج يتأثرون بشكل سلبي بما يشاهدونه في التلفزيون مما يؤدي إلى غياب التوافق العائلي، وعدم تقبل كل طرف للآخر

وأجرى المحرزي البحث على عينة مكونة من 100 زوج وزوجة، وطلب منهم الإجابة على مجموعة من الأسئلة، والتي تتمحور حول الأسباب التي تؤدي إلى الخلافات في شهر رمضان وآثارها على سلوكيات الفرد اليومية، حيث وجد أن 24 بالمئة من المشاركين في البحث الذين كانوا يشاهدون التلفزيون بشكل متقطع خلال شهر رمضان حدثت بينهم مشادات كلامية خلال الحديث.

وأرجع السبب إلى أن الأزواج يتأثرون بشكل سلبي بما يشاهدونه في التلفزيون مما يؤدي إلى غياب التوافق العائلي، وعدم تقبل كل طرف للآخر خاصة في ظل الامتناع عن المأكل والمشرب، لذلك يسعى كل طرف لفرض رأيه واحتياجاته على الطرف الآخر من الإفطار والسحور وتحضير تجهيزات المنزل، والتي عادة ما تزعج المرأة وتسعى لمشاركة زوجها معها، وتبدأ في ممارسة السلطة الزوجية عليه.

كما بين المحرزي في تصريحات سابقة أن السعادة الزوجية عادة ما ترتبط بنجاح العلاقة الزوجية في وظائفها ومهماتها، والتي لها 8 ركائز أساسية يطلق عليها مؤشرات السعادة المنزلية وتتمثل في: تأمين العيش المشترك، السكن والاستقرار النفسي، تلبية الرغبات النفسية والعاطفية والجنسية، إنجاب الأطفال وتربيتهم، تلبية متطلبات المنزل والمعيشة، تبادل الأدوار الاجتماعية بين عائلة الزوجين، القدرة على التعامل مع المشكلات والأزمات.

ومن جانبه، قال الدكتور رفعت بكر أستاذ علم النفس بجامعة أسيوط في مصر “تزداد حدة العصبية بين الأزواج خلال شهر رمضان بسبب تعرض الصائم إلى الجوع والعطش، وهو ما يجعل الفرد أشبه بالطفل الذي يمكن إثارة غضبه لأتفه الأسباب، لذلك يجب على الطرفين معرفة ذلك ومحاولة التأقلم مع هذه الحالة التي تنتاب أغلب المتزوجين”. وأشار إلى أنه على الطرفين أن يتفهما كل منهما الآخر، فالزوجة عليها أن تفهم طبيعة عمل زوجها والضغوط التي يتعرض لها خلال نهار رمضان، والتي من شأنها أن تؤثر على تركيزه وتثير غضبه، وكذلك الزوج عليه مراعاة المعاناة والتعب اللذين تتعرض لهما الزوجة كالمكوث في المطبخ لساعات طويلة، بالإضافة إلى اهتمامها بالمنزل والأولاد، ويُعرف هذا في علم النفس باسم “وضع كل منهما صورة ذهنية لمعاناة الطرف الآخر”.

ويشير بكر إلى أن المرأة عادة ما تسعى إلى شراء المزيد من احتياجات المنزل خلال شهر رمضان وهو ما يزيد من المصاريف ويؤدي إلى التداين والسلف، ومن هنا تبدأ الخلافات الزوجية، لذلك على الزوجة مراعاة ظروف زوجها تجنبا للمشاكل.

وأكد أنه على الأزواج التغلب على كل الضغوط التي تواجههم خلال هذا الشهر، وعلى الأسباب التي تؤدي إلى شعورهم بالضيق حتى لا تتراكم وتسبب الخلافات، بالإضافة إلى أن قلة ممارسة العلاقة الزوجية خلال الشهر تسبب حالة من التوتر بين الأزواج، لذلك لا بد من التوفيق بين الصيام والاحتياجات الإنسانية ومحاولة استيعاب كل طرف للآخر، حتى يمر الشهر بصفاء ذهني وعقلي بعيدا عن الخلافات.

ولتجنب الخلافات الزوجية خلال شهر رمضان، تقدم الدكتورة عبلة إبراهيم مستشارة العلاقات الأسرية والزوجية، مجموعة من النصائح تتمثل في ابتعاد الزوجين عن المناقشة في أي خلافات أو أمور خاصة بالأولاد والمنزل خلال نهار رمضان تجنبا لنشوب المشكلات، وتأجيل الحديث لما بعد الإفطار لتكون الحالة النفسية أكثر هدوءا.

وأشارت إلى أنه على كل طرف امتصاص غضب الطرف الآخر خاصة إذا كان الزوج من مدمني السجائر والمشروبات المنبهة لأن امتناعه عن تناولها يكون سببا في زيادة غضبه، كما على الزوجة تجنب مناقشة الخلافات مع الأبناء خلال نهار رمضان ومحاولة تهدئة أعصاب الزوج والابتعاد عن كل ما يثير غضبه.

وأكدت الدكتورة عبلة أن الخلافات الزوجية لا تؤثر على الزوجين وتهدد علاقتهما فقط بل إنها تؤثر بشكل سلبي على نفسية الأبناء حتى ولو كانوا في مرحلة الرضاعة، لأن أي خلل أو اضطراب نفسي تتعرض له الأم في حياتها ينتقل إلى الرضيع من خلال الرضاعة الطبيعية، وتظل هذه المشاعر والأحداث في ذاكرته وتؤثر في المستقبل على شخصيته وتكوينه.

إغلاق