مال واقتصاد
الولايات والشركات الأميركية تتحدى انقلاب ترامب على اتفاق المناخ
جاءت أهم ردود الفعل الرافضة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من اتفاق المناخ من داخل الولايات المتحدة، حيث أعلن عدد كبير من الولايات والمدن والشركات الكبرى معارضة شرسة وسط ترقب عالمي لأنها الوحيدة القادرة على إبطال مفعول القرار.
أعرب عدد كبير من الشركات الأميركية التي تعمل في قطاعات تمتد من النفط إلى التكنولوجيا والسيارات عن خيبة أملها بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس وأكدت عزمها مواصلة الجهود للحد من انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون.
كما باشرت عشرات المدن والولايات تنظيم حركة مقاومة قرار الرئيس دونالد ترامب. وتعهدت بأن الولايات المتحدة ستواصل التقدم على المستوى المحلي في اتجاه اقتصاد أخضر.
ولم ينتظر إيلون ماسك رئيس مجموعة تيسلا للسيارات الكهربائية طويلا قبل أن يقول في تغريدة إن قرار الرئيس الأميركي “ليس جيدا للولايات المتحدة أو لسائر دول العالم”.
وسارع الملياردير ماسك المدافع المتحمس عن البيئة، بعد دقائق على إعلان ترامب إلى الانسحاب من مختلف المجموعات الاستشارية للرئيس والتي كان مشاركا فيها.
وأعلنت مجموعة جنرال موتورز العملاقة لصناعة السيارات أن موقفها من التغيرات المناخية “لم يتغير”. وقال متحدث باسم المجموعة لوكالة الصحافة الفرنسية “ندافع علنا عن العمل من أجل حماية المناخ”.
أما رئيس مجموعة جنرال إلكتريك الصناعية جيف ايملت فعبر أيضا عن استيائه وحث أوساط الأعمال على قيادة الحملة من أجل البيئة للتعويض عن غياب السلطات.
إيلون ماسك أعلن انسحابه من جميع المجموعات الاستشارية للرئيس ترامب والتي كان مشاركا فيها
وامتدت المعارضة إلى كبرى شركات النفط الأميركية لتؤكد رفضها لقرار ترامب ودعمها لاتفاق باريس الذي يهدف إلى احتواء ظاهرة الاحتباس الحراري، رغم أنها يفترض أن تكون الخاسر الأكبر من الانتقال إلى مصادر الطاقة البديلة.
ودافعت شركتا إكسون موبيل وشيفرون عن الاتفاق الموقع في ديسمبر 2015 من قبل 195 دولة وأكدتا أنه خطوة مهمة لمواجهة التحدي الدولي القائم على خفض الانبعاثات، خاصة في ظل إجماع عالمي يضم دولا ناشئة كبرى مثل الصين والهند.
كما انتقدت مؤسسات قطاع التكنولوجيا الملتزمة تقليديا بحماية البيئة قرار ترامب. وأكد مركز “انفورميشن تكنولوجي سنتر” الذي يضم شركات أبل وغوغل وإيباي أن القرار “يشكل انتكاسة للريادة الأميركية في العالم”.
وضاعف رؤساء البلديات والحكام أمس من نيويورك على الساحل الأطلسي إلى كاليفورنيا المطلة على المحيط الهادئ التحالفات والدعوات من أجل التصدي لقرار الانسحاب من الاتفاق الدولي للمناخ.
وأعلن الحكام الديمقراطيون لثلاث ولايات كبرى هي نيويورك وواشنطن وكاليفورنيا، تمثل 20 بالمئة من سكان الولايات المتحدة، عن “تحالف من أجل المناخ”.
وتعهد حاكم نيويورك اندرو كوومو بأنهم معا “مصممون على تحقيق الهدف الأميركي بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 26 إلى 28 بالمئة” بالمقارنة مع عام 2005.
وتؤكد الولايات الثلاث أن التحالف سيشكل “منتدى من أجل دعم وتعزيز البرامج المتبعة لمكافحة التغير المناخي وتطبيق برامج جديدة لخفض انبعاثات الكربون”.
جيري براون: سياسة حماية المناخ توفر وظائف أكثر بكثير من الاقتصاد الملوث للبيئة
وعبر جيري براون حاكم ولاية كاليفورنيا عن معارضته لقرار ترامب بلهجة شديدة. وقال إن الولاية التي تعد لوحدها سادس اقتصاد في العالم ويفوق حجم اقتصاد الهند، إنها عازمة على تسريع وزيادة أهداف حماية المناخ.
وأضاف أنه سيزور الصين غدا لتنسيق سياسات المناخ وإنشاء تحالف عالمي لمضاعفة جهود حماية المناخ. وفند براون جميع مزاعم ترامب عن حماية المناخ والوظائف وقال إن سياسة حماية المناخ توفر وظائف أكثر بكثير من الاقتصاد الملوث للبيئة.
وقال رئيس بلدية نيو أورلينز ميتشل لاندريو إن “اتفاق باريس يبقى أفضل سلاح في العالم لمكافحة الخطر الوجودي” الذي يطرحه التغير المناخي، ولا سيما في مدينته التي تعاني من الظواهر المناخية. وامتدت الانتقادات إلى قطاع المال حيث قال رئيس مجلس إدارة مصرف غولدمان ساكس لويك بلانكفاين إن “القرار يمثل انتكاسة للبيئة وللدور القيادي للولايات المتحدة في العالم”. يشار إلى أن العديد من المسؤولين السابقين في المصرف باتوا ضمن الفريق الاقتصادي لترامب.
وبعد الخلاف حول الهجرة يشكل هذا الإجماع شبه المطلق على معارضة موقف ترامب عقبة جديدة تلقي بظلالها على أجواء التوافق بين ترامب وأوساط الأعمال التي جذبتها الوعود الرئاسية بخفض كثيف للضرائب وبرفع القيود عن الأسواق المالية.
لكن الأمر ليس مستغربا فعليا. فكبرى المؤسسات الأميركية انضمت رويدا إلى المعركة من أجل البيئة بعد أن عرقلت المفاوضات حماية المناخ لسنوات طويلة، رغم أن التغيير مرده الحفاظ على صورتها أكثر منه السعي وراء عائدات إضافية.
ويؤكد ذلك أن الاقتصاد العالمي يشهد تحولات جذرية حيث أصبحت الاستثمارات الضخمة تبتعد عن مصادر الطاقة الأحفورية، بينما تواجه الشركات ضغوطا من كل الجهات حتى تعدل نموذجها للنمو بحيث يتماشى مع عالم خال من الكربون.