مع بدء تقدم التحقيقات الجارية بشأن اعتداء لندن الإرهابي، تكشف وسائل الإعلام البريطانية النقاب عن جملة من المعطيات المثيرة للجدل بشأن منفذي الهجوم.
وتؤكد معطيات أولية أن منفذي الهجوم من أصول غير بريطانية حيث ينحدر أحدهما من أصول مغربية ومتزوج من إسكتلندية، ويبدو أنه يحمل وثائق ثبوتية أيرلندية، فيما تعود أصول المهاجم الثاني إلى باكستان وعمل سابقا في مترو لندن وشبكة مطاعم “كي إف سي”.
وتثير أصول منفذي الهجوم جدلا كبيرا بشان مدى نجاح سياسات الاندماج التي تعتمدها السلطات البريطانية بالنظر إلى ارتباط عدد كبير من الهجمات المتطرفة في المملكة المتحدة بمنفذين ذوي أصول غير بريطانية.
ونقل تلفزيون آر.تي.إي الأيرلندي الرسمي عن مصادر في الشرطة الأيرلندية قولها إن واحدا من المهاجمين الثلاثة الذين قتلتهم الشرطة بعد هجوم قرب جسر لندن مساء السبت كان يحمل بطاقة هوية أيرلندية.
وأضاف أن الشرطة البريطانية “تواصلت” مع نظيرتها الأيرلندية وتوصلت إلى أنه “عاش في دبلن لبعض الوقت. ويعتقد بأن الرجل من أصل مغربي ومتزوج من إسكتلندية”.
وتفاجأت الأجهزة الأمنية البريطانية بأن صاحب الأصول الباكستانية لم يكن معروفا للشرطة فحسب بل إنه ظهر في فيلم وثائقي حول المتطرفين البريطانيين العام الماضي.
وذكر جيرانه في حي باركينغ شرق لندن الذي كان يقيم فيه أنه كان أبا “محبا” لطفلين و”فجأة غير سلوكه ولم يعد يتصرف كالسابق”.
وأوردت صحيفة “ذا صن” البريطانية بأن الإرهابي ظهر في تسجيل تم تصويره في ريجنتس بارك وسط العاصمة ضمن مجموعة من المتطرفين وهم يصلون في وضح النهار أمام علم أسود ترفعه تنظيمات متطرفة.
ويظهر تسجيل آخر الرجل نفسه وهو يندد بتصرفات الشرطة تجاه المسلمين أثناء حملة نظمت أمام أحد مساجد لندن.
إلى ذلك، أضافت صحيفة “ديلي ميل” أن مقطع فيديو ثالثا يظهر الإرهابي نفسه مع شخصين آخرين معروفين للشرطة البريطانية بآرائهما الراديكالية.
وجاءت هذه الصور كلها في فيلم وثائقي حول المتشددين المقيمين في المملكة المتحدة، بثتها القناة الـ4 العام الماضي.
ونقلت بي بي سي عن أحد الأصدقاء السابقين للمنفذ صاحب الأصول الباكستانية إنه أبلغ الشرطة سابقا عن قلقه الشديد من خضوع صديقه للأفكار المتطرفة، غير أن أجهزة الأمن لم تتخذ أي إجراء.
وذكرت مواطنة إيطالية تقيم في الحي نفسه أنها حذرت الشرطة قبل عامين من أن الرجل يلقن الأطفال في الحي العقائد الإسلامية.
وأوضحت في حديث إلى صحيفة “تلغراف” البريطانية أن ابنها أعرب، عند عودته من متنزه في أحد الأيام، عن رغبته في اعتناق الإسلام، ثم توجهت المواطنة إلى المكان حيث وجدت فيه الإرهابي برفقة شخصين آخرين وهم يروجون الأفكار الإسلامية بين الأطفال.
وذكرت أن تصريحات المتطرف أثارت شبهاتها الكبيرة، إذ قال لها أثناء مشادة كلامية “أنا جاهز لفعل كل ما يلزم من أجل الإسلام، وحتى قتل أمي”. وأضافت المواطنة أنها سلمت إلى الشرطة المحلية 4 صور التقطتها في المتنزه مع تسجيل لمقطع فيديو، لكن يبدو أن أجهزة الأمن تجاهلت هذه التحذيرات.
وأثارت الاعتداءات التي هزت بريطانيا وأسفرت عن مقتل 34 شخصا خلال أقل من ثلاثة أشهر جدلا شائكا حول استراتيجية بريطانيا لمكافحة الإرهاب التي أصبحت في صلب الحملة الانتخابية.
ويرى خبراء في مكافحة الإرهاب أن مراجعة سياسات مكافحة التطرّف باتت أمرا عاجلا ومطلوبا داخل مجتمع متعدد الثقافات، بما يعني أن منظومة القيم التي تفاخر بها بريطانيا في الدفاع عن الحريات، لا سيما حرية المعتقد وحرية التعبير، باتت قاصرة عن رد الأخطار التي تهدد أمن البلد وسكانه.
ويضيف هؤلاء أن جماعات التطرف في بريطانيا تتحرك داخل بيئة حاضنة علنية تعبر عن نفسها من خلال أنشطة وخطب وتصريحات وأسلوب عيش.
وأعلنت رئيسة الحكومة تيريزا ماي أنه “طفح الكيل” وبدأت في إعداد خطط لفرض إجراءات أكثر تشددا لمكافحة الإرهاب.
وألمحت إلى زيادة مدة السجن للمتهمين بارتكاب مخالفات تتعلق بالإرهاب مهما كان حجمها، وقالت إن على شركات الإنترنت أن تمنع وجود مساحة تسمح بانتشار التطرف.
ووردت اقتراحات أخرى في الصحف البريطانية من بينها إجبار المشتبه بضلوعهم في الإرهاب على ارتداء أجهزة مراقبة إلكترونية، ووضع الجهاديين على قوائم المراقبة.