تاريخسلايد 1

ماذا تعرف عن “البتراء” ؟

البتراء أو البترا مدينة أثرية وتاريخية تقع في محافظة معان في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية. تشتهر بعمارتها المنحوتة بالصخور ونظام قنوات جر المياه القديمة. أُطلق عليها قديمًا اسم “سلع”، كما سُميت بـ “المدينة الوردية” نسبةً لألوان صخورها الملتوية.https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f6/GQ4B9633.jpg/

أُسست البتراء تقريبًا في عام 312 ق.م كعاصمة لمملكة الأنباط. وقد تبوأت مكانةً مرموقةً لسنوات طويلة، حيث كان لموقعها على طريق الحرير، والمتوسط لحضارات بلاد ما بين النهرين وفلسطين ومصر، دورًا كبيرًا جعل من دولة الأنباط تمسك بزمام التجارة بين حضارات هذه المناطق وسكانها. وتقع المدينة على منحدرات جبل المذبح، بين مجموعة من الجبال الصخرية الشاهقة، التي تُشكل الخاصرة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية، وتحديدًا وادي عربة، الممتد من البحر الميت وحتى خليج العقبة.

 

بقي موقع البتراء غير مكتشف للغرب طيلة الفترة العثمانية، حتى أعاد اكتشافها المستشرق السويسري يوهان لودفيغ بركهارت عام 1812. وقد أُدرجت مدينة البتراء على لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو في عام 1985.كما تم اختيارها كواحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة عام 2007.

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/1/18/Petra.jpg/

وتُعد البتراء اليوم، رمزًا للأردن، وأكثر الأماكن جذبًا للسياح على مستوى المملكة.كما أنها واحدة من أهم الوجهات السياحية لزعماء العالم.

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/d/dc/20100925_petra178.JPG/

 

يعود الفضل في بناء البتراء إلى الأنباط، إلا أنه قبل الأنباط كان يعيش في هذه المنطقة شعب يدعى الآدوميين الذين كانوا في حالة عداء دائم مع الدول المجاورة لهم. وقد استوطن الأدميون التلال المحيطة بالبتراء من 1200 – 539 ق. م ولم يدخلوا البتراء بل فضّلوا الأقامة على التلال المحيطة بها، ولم يكن لديهم المام أو اهتمام بالنحت او البناء في الصخر، بل كانت براعتهم محصورة في صناعة الفخاريات التي يبدو أنهم نقلوها إلى العرب الأنباط الذين استقروا في هذه المنطقة بعد هجرتهم من الجزيرة العربية في نهاية القرن السادس قبل الميلاد.لقد احتل الآدوميون جزءاً هاماً من المنطقة التي كانت عند تقاطع عدة طرق تجارية مهمة واستفادوا بشكل كبير من القوافل التجارية التي كانت تمر عبر طرقهم. ويُعتقد بأن الآدوميين هُزموا من قبل اليهود بقيادة الملك سليمان الذين بسطوا سيطرتهم على هذه المنطقة لمدة مائتي عام. بعد ذلك قام البابليون بغزو فلسطين، وأخذوا اليهود وأخذوهم أسرى. وبدأ الآدوميون الذين طُردوا من هذه المنطقة بالتحرك لإعادة احتلال الأراضي التي كانت فيما مضى خاضعة لسيطرتهم. ومع ذلك فقد تم اجتياح هذه المنطقة مرة أخرى لكن هذه المرة من قبل الأنباط وهم قبيلة بدوية ينحدرون من أصول عربية. تعايش الأنباط مع الأدوميين في حياة أكثر استقرارًا.

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/5/5f/

السيق، حيث تظهر قنوات جر المياه النبطية.

هو الطريق الرئيس المؤدي لمدينة البتراء. وهو عبارة عن شق صخري يتلوى بطول حوالي 1200 متر وبعرض يتراوح من 3 – 12 متر، ويصل ارتفاعه إلى حوالي 80 متر. يُعتبر الجزء الأكبر منه طبيعي، بالإضافة إلى جزء أخر نحته الأنباط. ينتهي السيق في الجهة المقابلة للخزنة.

يُمكن مشاهدة بقايا لقوس يمثل بوابة المدينة في بداية السيق، الذي يوجد على جانبيه قنوات لجر المياه ممتدة من عيون وادي موسى في الخارج إلى المدينة في الداخل. كما يمكن مشاهدة السدود الجانبية، التي أقيمت في مكان السدود النبطية الأصلية، لمنع تدفق المياه إلى السيق، وحجزها والاستفادة منها. لقد كانت أرضية السيق مبلطة ببلاطات حجرية جزء منها يمكن مشاهدته في مكانه الأصلي. وقد زُينت جوانب السيق بالمنحوتات النبطية ومعظمها منحوتات تمثل آلهة. وتوجد تماثيل الآلهة ومحاريبها قريبة جداً من هذه القنوات بل وملاصقة لها أحيانا، لاعتقاد الأنباط وإيمانهم الشديد بان المياه مقدسة.

يمكن أيضا مشاهدة مجموعة من المنحوتات على الجانب الأيسر من السيق تُعرف باسم “أصنام سابينوس”، وقد سُميت هذه المجموعة بهذا الإسم لوجود نقش باليونانية تحت الحنية الثانية على يسار الزائر وهو متجه لآخر السيق. يشيرالنقش إلى أن سابينوس ابن الإسكندر المقدوني، والذي جاء من درعا، أمر بنحت هذه الحنيات أو المحاريب تمجيداً للآلهة النبطية. ومن المنحوتات المهمة أيضا بقايا منحوتات لجمال ورجل تمثل قافلة تجارية، حيث اشتهر الأنباط بالتجارة، وكانت أحد أسباب ثرائهم الواسع.

قام الجنرال الروماني بومباي بغزو المملكة النبطية في حوالي عام 60 قبل الميلاد، إلا أنه سمح بقدر من الحكم الذاتي فيها. ولقد كانت نهاية دولة الأنباط على يد الرومان عندما حاصروها ومنعوا عنها مصادر المياه سنة 106، حتى ضموها لإمبراطوريتهم، وأطقوا عليها اسم مقاطعة “Arabia Petraea”، وعاصمتها البتراء.

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/a/a7/Petra_Roman_Gate.jpg/

وكان الأنباط قد حققوا أرباحًا كبيرة من التجارة الرومانية والهندية والعربية التي كانت تتم على أراضيهم. إلا أن استيلاء الرومان على البتراء جعلهم يسيطرون على هذه الطرق. وقد بدأ الرومان ببناء وتشييد أبنيتهم الخاصة في البتراء وأقاموا في المدينة مدرجاً، كما قاموا بتشييد معبد قصر البنت، وهو البناء الوحيد الذي ما زال قائماً في قلب المدينة حيث كان يقع السوق الكبير. وفي هذا المكان كانت القوافل تقايض القوافل الأخرى القادمة من الغرب بالتوابل والعاج والعنبر والقماش. استمرت البتراء مركزًا تجاريًا مهمًا لمدة قرنين آخرين من الزمن. وبعد ذلك تضاءلت أهميتها مع استمرار بعض المدن في الشمال مثل تدمر بجذب التجارة إليها. وبالتدريج غادر التجار وغادرت معهم جيوش الرومان التي كانت مهمتها حماية الطرق التجارية. وبعد تحول الإمبراطورية الرومانية إلى الديانة المسيحية، حظيت البتراء بمطرانية، وتحولت بعض أبنيتها إلى كنائس. لكن المدينة التي حكمها البيزنطيون، فقدت مجدها السابق ولم يتبق منها إلا الأطلال.ويبدو أن المسيحية قد دخلت البتراء قبل وخلال الفترة المبكرة من العصر البيزنطي، رغم انتشار الوثنية جنبًا إلى جنب معها، حيث كانت الكنائس والمعابد الوثنية موجودة حتى القرن الخامس .

أصبح من تبقى من سكان البتراء يعتاشون على الزراعة قبل وصول الإسلام للشام، وتحديدًا في سنة 636، لكن الزلزال الذي ضربها سنة 746 و 748 وزلازل أخرى قامت بإفراغها من أهلها. وقد ورد ذكر منطقة البتراء وجوارها في المصادر التاريخية المعاصرة للحروب الصليبية. وتشير هذه المصادر إلى أن وادي موسى كانت منطقة خصبة، وبها مياه وفيرة، كما تشير الوثائق التي تعود لهذه الفترة إلى وجود كنيسة في منطقة جبل هارون. وقد قام الصليبيون بحملة عسكرية على البتراء ووادي موسى تألفت من الفرسان والمشاة في نهاية عام 1100 وبقيادة ملك الفرنجة بلدوين الأول. وقد شيدوا فيها قلعتين بعد ذلك.[32] كما بنى المماليك مقاما للنبي هارون في البتراء على جبل يرتفع 1353 متر عن سطح البحر، في سياق اهتمامهم بالمقامات والقبور. ولكن المدينة دخلت في سبات طويل في الفترة العثمانية، وحتى إعادة إكتشافها في عام 1812.

مع بدء رحلات المستشرقين للوطن العربي في القرن التاسع عشر، تم اكتشاف البتراء عام 1812 م علي يدي المستشرق السويسري يوهان لودفيغ بركهارت، الذي تعلم اللغة العربية ودرس الإسلام في سوريا وجاء إلى البتراء مدعيًا بأنة مسلم من الهند بعد أن تنكر بزي إسلامي، وهدفه تقديم أضحية إلى النبي هارون؛ وبذلك سمح لة السكان المحليون بالدخول إلى المدينة الوردية وقد احتوى كتابه المطبوع عام 1828 والمعروف باسم “رحلات في سوريا والديار المقدسة” على صور للبتراء.

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/7/71/

تطورت أهمية البتراء إداريًا مع نشوء إمارة شرق الأردن في عام 1921، حيث تم تأسيس مديرية ناحية في وادي موسى. وفي عام 1973 تم ترفيع الوحدة الإدارية من ناحية إلى قضاء. في عام 1996 تم ترفيعها إلى لواء. في عام 2001 تم تغيير اسم لواء وادي موسى إلى لواء البتراء. وتعتبر مدينة وادي موسى مركز اللواء

قامت مديرية المصادر التراثية الأردنية بتنفيذ 22 حفرية أثرية مع عدد من البعثات الغربية اُنجزت في منطقتيّ البترا والبيضاوقد وُضعت مدينة البتراء منذ عام 1985 ضمن قائمةاليونسكو لمواقع التراث العالمي ، نظرًا لتفرد المدينة من الناحية الطبيعية والتاريخية والجغرافية، ولاحتوائها على مزيج فريد من تراث الحضارات القديمة التي تنتمي إلى حضارات متنوعة يذكر منها آثار الآدوميين، واليونانيين، والأنباط، والرومان، والبيزنطيين، والصليبين، والمماليك.ومنذ ذلك التاريخ عقدت عدة ورش عمل، عنيت بترميم وحماية آثار البتراء. وتم في عام 1992 تأسيس اللجنة الوطنية لحماية البتراء في المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، وقامت جمعيات غير حكومية أعلنت برامج في هذا المجال.وقد وصل عدد زوار البتراء الإجمالي في عام 2010 إلى 900,000 زائر، مقتربًا من الطاقة الاستيعابية القصوى لمحمية البتراء الأثرية والبالغة 1.13 مليون زائر حسب تقديرات منظمة اليونسكو.

وقد تم إختيار البتراء في 7 تموز/ يوليو 2007 كثاني عجائب الدنيا السبع الجديدة،  بعد الدعم الرسمي للتصويت، حيث اُعتبر الأمر واجبًا وطنيًا. وقامت الحكومة الأردنية بحملات دعائية ضخمة من أجل البتراء في الصحف الأردنية والإذاعة الأردنية والتلفزيون الأردني لتحفز مواطني المملكة على التصويت. وبدأت الشركات بإطلاق الحملات لدعم التصويت.

كما تأسس في البتراء عام 2009، سلطة ذات إستقلال مالي وإداري، هي سلطة إقليم البترا التنموي السياحي. والتي تهدف إلى تنمية الإقليم وتطويره سياحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، والمساهمة في تنمية المجتمع المحلي.

إغلاق