- كشفت الحكومة الأردنية عن خطة طموحة لبناء مدينة جديدة بجوار العاصمة عمان تكون ذكية وعصرية وصديقة للبيئة، وسط جدل واسع داخل الأوساط الاقتصادية والشعبية حول كلفة المشروع الضخم في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة خانقة منذ سنوات.
رسم توضيحي للمشروع الأردني الضخم
عمان – يشكل إعلان الأردن عن إقامة مشروع ضخم أطلق عليه اسم “المدينة الجديدة” بالقرب من العاصمة عمّان تحديا كبيرا للسلطات، وفق الخبراء، نظرا لما يواجهه من أزمات عجز عن حلها طيلة السنوات الماضية.
وتعتبر الحكومة أن المشروع الطموح يعد أحد المشروعات الحيوية والاستراتيجية للدولة، علاوة عن كونه خطوة مستقبلية مهمة تهدف إلى تقديم حياة أفضل للسكان عبر تحسين الخدمات وتوفير السكن الملائم وتوفير فرص عمل جديدة وتوطين الاستثمارات فيها.
وذكرت في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني أن “المدينة الجديدة ستقام جنوب عمّان وعلى بعد 30 كيلومترا منها ومن مدينة الزرقاء وفي منطقة اسمها الماضونية وفيها ميناء بري كبير وجديد”، مشيرة إلى أنها ستقدم نماذج لإقامة الطبقة الوسطى في “موقع عصري”.
كما سيتم استحداث فكرة بنك الطاقة، وهي عبارة عن مخزون هائل من الكهرباء المخزنة في مصانع ضخمة تتركز في مدينة الطاقة بجنوب البلاد ومن ثم يتم توزيع فروع منها إلى جميع أنحاء الأردن.
وتعمل الحكومة منذ فترة على اعتماد أساليب جديدة مستدامة وتنويع مصادر إنتاج الكهرباء لتغطية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة. وقد ضعت منظومة تشريعات للاستثمار في هذا القطاع، الذي يتوقع أن يجذب استثمارات كبيرة.
هاني الملقي: مشروع “المدينة الجديدة” يأتي ضمن جهود الحكومة لتحفيز الاقتصاد
ويتمتع الأردن بأحد أعلى المعدلات في العالم من حيث استيراد الطاقة من الخارج، حيث تشير التقديرات الرسمية إلى أن أكثر من 90 بالمئة من احتياجات البلاد من الطاقة تأتي من كميات النفط والغاز المستوردة من الدول العربية المجاورة وفي مقدمتها العراق ومصر.
وأوضحت الحكومة أن الهدف من إنشاء المدينة على طريق يربط الأردن بالعراق والسعودية هو المساهمة في وضع حد للاكتظاظ السكاني الذي تشهده مدينتا عمان والزرقاء حيث يقطنهما، وفق الإحصائيات الرسمية، قرابة 5.3 مليون نسمة.
ويقول اقتصاديون إن امتصاص الضغط السكاني من عمّان سيساعد في تحسين الخدمات المقدمة للسكان، ما يؤدي إلى تخفيف الفقر والبطالة وتحسين النواحي التجارية والاجتماعية، الأمر الذي سيعمل على إنتاج ثروة للبلاد.
وستسهم “المدينة الجديدة في إنشاء بيئة مريحة ومثالية ومستدامة للأعمال تكون أقل كلفة للسكن، بالإضافة إلى عدة مناطق ترفيهيّة وحدائق عامة بحيث تكون مدينة ذكية وعصرية وصديقة للبيئة”.
وستعتمد المدينة الجديدة التي يتوقع أن يتم الانتهاء منها بحلول 2050، على استثمار الموارد الطبيعية المتجددة في إنتاج الطاقة النظيفة وإعادة تكرير المياه وستضم نظام نقل متطور وحديث يربطها بالعاصمة عمان وبمدن أخرى.
وسيقام المشروع الضخم على أرض مملوكة للدولة وسيخصص جزء منه “لجمعيّات إسكان موظفي الدولة والنقابات ومؤسّسة المتقاعدين العسكريين وغيرها”، بهدف دعم الطبقة الوسطى في البلاد، كما سينقل إليه عدد من الوزارات والمؤسّسات والدوائر الحكوميّة.
ولم تكشف الحكومة تفاصيل حول الاستثمارات المقترحة لبناء المشروع أو كلفتها التقديرية، لكنها أكدت أن التمويل سيكون بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفق وثيقة “رؤية الأردن 2025”.
سيتم استحداث فكرة بنك الطاقة، وهي عبارة عن مخزون هائل من الكهرباء المخزنة في مصانع ضخمة
وستنفذ المدينة الجديدة على خمس مراحل وتقدّر مساحة المرحلة الأولى بنحو 39 كلم مربع، والتي يتوقع إنجازها بحلول 2030، وهي نسبة 10 بالمئة من المساحة الإجماليّة للمشروع.
وأثار هذا المشروع عندما تحدث عنه رئيس الوزراء هاني الملقي خلال مجلس وزاري نهاية الشهر الماضي، موجة من الجدل بين الأوساط السياسية والشعبية بسبب كلفته المالية وأهدافه السياسية الخفية.
وقال الملقي حينها إن “المدينة الجديدة التي يجري العمل على دراسة إنشائها خارج العاصمة عمان تأتي ضمن جهود الحكومة في التحفيز الاقتصادي، واستقطاب استثمارات نوعية”.
ورغم تفاؤل المسؤولين بشأن إنجاز المشروع، إلا أن البعض يؤكد أن المشكلة الأساسية تتمثل في طريقة استقطاب المستثمرين وتشجيعهم على القيام بأعمالهم في البلاد، في ظل الظروف التي تعيشها.
وتقدم الأردن 15 مرتبة في تقرير مؤشر سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي الأسبوع الماضي ليحتل المركز الـ103 من بين 190 بلدا، في حين حل تاسعا بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويعاني الأردن، الذي يستورد أكثر من 90 بالمئة من حاجاته من الطاقة من الخارج، ظروفا اقتصادية صعبة وديونا، كما أنه تأثر كثيرا بالأزمتين المستمرتين في كل من سوريا والعراق واللتين أثمرتا تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إليه.
وتشير بيانات رسمية إلى أن الدين العام ارتفع بوتيرة سريعة خلال السنوات الخمس الماضية ليبلغ نحو 35 مليار دولار بعدما قلصت الضغوط الاقتصادية الإيرادات المحلية والمساعدات الخارجية، ما أجبر عمان على الاقتراض الخارجي واللجوء للمزيد من التمويل المحلي.
ويجمع خبراء على أن النهج والسياسة الحكومية المتبعة منذ سنوات قادا البلاد إلى ما تعيشه حاليا من أزمة مالية واقتصادية حادة، يصعب حلها وسط منطقة مضطربة وتباطؤ الاقتصاد العالمي.