مال واقتصادمحافظات
بالاردن : جلسة حوارية حول رأس المال الاجتماعي وأثره على النمو والتنمية
عقد منتدى الاستراتيجيات الأردني جلسة حوارية للحديث عن رأس المال الاجتماعي في الأردن وأثره على النمو والتنمية، مع وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز والعين هيفاء النجار، وبحضور العديد من أعضاء المنتدى. وجاءت هذه الجلسة التي عقدها المنتدى على ضوء دراسة صادرة عن منتدى الاستراتيجيات الأردني بعنوان ‘رأس المال الاجتماعي الأردني: ما هو مستوى الثقة في مؤسساتنا ولماذا؟’. هذا وقد كانت الفعالية برعاية شركة الخدمات الفنية للكمبيوتر وبنك الاتحاد.
وذكر وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز، خلال حديثه في الجلسة الحوارية، أن مفهوم رأس المال الاجتماعي هو مفهوم تنموي ذو أهمية خاصة، وأن رأس المال الاجتماعي يعتمد على قوة الترابط والثقة فيما بين أفراد المجتمع أولاً، وثقة أفراد المجتمع وتفاعلهم مع المؤسسات في الدولة بقطاعيها العام والخاص. وبين الرزاز أن هذه العلاقات والتفاعلات المكونة لرأس المال الاجتماعي هي الدافع الرئيسي لعملية التنمية، وبناء على هذه التفاعلات بين المؤسسات والأفراد يتم تعزيز وترسيخ مفهوم المسائلة والمحاسبة في البيئة السياسية والاجتماعية للدولة.
وأكد وزير التربية والتعليم، الدكتور عمر الرزاز، أثناء حديثه، أن علاقة الأفراد بالمؤسسات أساسية وضرورية، وأن وجود وحضور مؤسسات قوية ومبنية على أسس راسخة يساهم في تعزيز قيم المدنية والمسائلة والمواطنة الفاعلة. وبين الرزاز أن وجود مثل هذه المؤسسات مسألة ملحة، خصوصاً في ظل التغيرات والتحولات التي يشهدها العالم، ولا سيما في الأردن، من حيث التغيرات الناجمة عن الضغوط التي يتعرض لها العقد الاجتماعي في الأردن، نظراً لشح الموارد والظروف الاقتصادية الضاغطة التي تتعرض لها الدولة الأردنية. وأن هذه التغيرات بدورها بدأت تقود عملية التحول في المجتمع الأردني، من مجتمع ريعي إلى مجتمع منتج. وأوضح الرزاز أن هذا التحول يتطلب وجود عقد اجتماعي مبني على الإنتاجية، وبناء ثقافة لدى الافراد في المجتمع الأردني تحثهم على العمل الجاد والدؤوب.
وبين الرزاز أن هذه التغيرات والتحولات تتطلب وجود قطاع خاص قوي ومزدهر ونامٍ بثبات. وأضاف: أن التحول من مجتمع ريعي الى مجتمع منتج يتطلب السير بثبات نحو تقديم خدمات عامة أفضل، وفي الجانب التعليمي بين الرزاز، أن الوزارة تعمل على رفع كفاءة المدارس الحكومية لجعلها الخيار الأول لأبناء الأردن، وللتخفيف عن كاهل أهالي الطلاب لما يعانوه من تكاليف يدفعونها لتعليم أولادهم.
وفي معرض حديثها، قالت التربوية هيفاء النجار، عضو مجلس الأعيان، أن الأردن يعيش حالة سياسية واجتماعية تحتاج للتجديد، وأن هذا التجديد قادم لا محالة. وشددت النجار على أن الأردن بحاجة لنظام تربوي يحفز التفكير النقدي لدى الطلاب ويرفع من ثقتهم في المدارس والتعليم. كما أكدت على ضرورة تحمل القطاع الخاص وأصحاب القرار للمسؤولية والقيام بالدور اللازم لقيادة العملية التنموية في الأردن بما يحقق المصلحة الاجتماعية لجميع الأطراف في الدولة والمجتمع. وشددت النجار، على ضرورة تحقيق شراكة فاعلة ومستدامة بين القطاعين العام والخاص بما يحفز التنمية ويعزز رأس المال الاجتماعي، ويرفع من مستوى ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة وفي مؤسسات القطاع الخاص. وأضافت النجار أنه من المهم ان يكون لدينا محاولة نقدية لإعادة تجديد الأنظمة والسياسات.
وأكد السيد عبد الإله الخطيب، رئيس الهيئة الإدارية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، أن المجتمع الأردني يمر بمرحلة انتقالية صعبة، وأنه علينا التصميم لعبور هذه المرحلة بنجاح وعدم التردد في ذلك، وذلك من خلال بناء تفاهمات وتوافقات مجتمعية على مستوى الافراد والمؤسسات، بحيث تكون هذه التوافقات شمولية وتضم كافة أطراف المجتمع، وذلك لتحقيق المنفعة للمجتمع والدولة، وتجنب مخاطر المرحلة. كما أشار الخطيب، إلى أن هنالك العديد من النجاحات والإنجازات الأردنية رغم تواضع الموارد والإمكانات، وأنه يجب النظر الى هذه الإنجازات بإيجابية وموضوعية والبناء عليها لتحقيق أردن مستقر ومزدهر.
هذا وكانت قد قدمت المهندسة هالة زواتي، المديرة التنفيذية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، في بداية الحوار، شرحاً عن الدراسة التي أصدرها المنتدى مؤخراً حول رأس المال الاجتماعي في الأردن، ومدى ثقة المواطنين الأردنيين في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وأشارت المهندسة زواتي، إلى مفهوم رأس المال الاجتماعي؛ المُتمثل في قيمة وفعالية العلاقات الاجتماعية ودور التعاون والثقة في تحقيق الأهداف الاقتصادية، وأن هذه الثقة مهمة في إنجاح العديد من السياسات والبرامج الحكومية لأنها تعتمد على تعاون وامتثال المواطنين، وأكدت زواتي، على أن أهمية نتائج الدراسة التي أصدرها المنتدى لا تنبع من طرح وبيان مستوى ثقة المواطنين في المؤسسات فقط، ولكن تعود أهميتها الى تفسير العوامل المؤثرة على هذه الثقة. وشددت المهندسة هالة زواتي على ضرورة الاهتمام برأس المال الاجتماعي في الأردن، وعلى أنه لا يقل أهميةً عن رأس المال البشري والمالي، وأن زيادة رأس المال الاجتماعي بالتأكيد سيحفز النمو الاقتصادي في الأردن.
وقد أدلى العديد من الحضور بمشاركاتهم وآرائهم في الحوار، حيث قال معالي الدكتور محي الدين توق؛ أن الثقة بين المواطنين والمؤسسات يجب أن تُبنى على حزمة من العوامل التي تؤدي لتماسك المجتمع والدولة وتعاضدهما معاً. ومن هذه العوامل ضرورة تعزيز الفكر الوطني والقومي، وتفعيل الحكم الرشيد، والعمل على تقديم الخدمات الملائمة للمواطنين وبتكاليف محتملة، وتعزيز الأمن المجتمعي والعدالة المُنصفة، والتأكد من توزيع موارد الدولة وتقاسمها بين أفراد المجتمع بعدالة. كما أشار السيد مازن الحمود، بأنه يجب النظر لمسألة رأس المال الاجتماعي وثقة المواطنين في الحكومة بنظرة شمولية ومقارنتها في الإقليم والدول المجاورة والعالم، حيث أكد الحمود أن الأردن متفوق على العديد من الدول في المنطقة والعالم من حيث ثقة المواطنين في الحكومة إلا أن ذلك لا يعني ألا نزيد من الجهد لتحسينها.
هذا وكان قد أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني دراسة بعنوان ‘رأس المال الاجتماعي الأردني: ما هو مستوى الثقة في مؤسساتنا ولماذا؟’، حيث أظهرت هذه الدراسة أن القوات المسلحة في الأردن حظيت بأعلى مستوى للثقة بين المواطنين وبنسبة مرتفعة مقارنةً بالعديد من دول العالم وبنسبة 90.3%، تلتها الشرطة بنسبة 82%، والمحاكم بنسبة 73.5%. كما أظهرت هذه الدراسة أن مستوى ثقة المواطنين في الصحافة والأحزاب السياسية والبرلمان متدنية، وحللت الدراسة العوامل المؤثرة على هذه الثقة وخرجت ببعض التوصيات للرفع من رأس المال الاجتماعي في الأردن.
ومن الجدير بالذكر أن منتدى الاستراتيجيات الأردني هو جمعية غير ربحية تضم في عضويتها 84 شركة من القطاع الخاص، ويهدف إلى رفع مستوى الوعي في القضايا الاقتصادية والتنموية من خلال الدراسات التي يصدرها، بالإضافة إلى بناء حوار شامل مع أصحاب الشأن وقادة الرأي مبني على الحقائق والدراسات لإيصال صوت القطاع الخاص وتحسين نوعية وجودة السياسات الاقتصادية.