مقالات وكتاب
فقدان الغزلان ليس جديدا
بقلم: خلود الخطاطبة
فقدان الغزلان من محمية دبين ليس جديدا، وهو مثبت ضمن تقرير لديوان المحاسبة أعلن في العام 2013، وكشف عن اختفاء 132 غزالا من أصل 320 غزالا في المحمية خلال خمسة شهور، وأشار التقرير حينها الى أن “الغزلان يعتقد أنها هربت أو اختفت دون معرفة الأسباب”.
ورغم ان تقرير ديوان المحاسبة أداة رقابية حكومية، الا أن ما وثقه سابقا في هذا المجال لم يحرك ساكنا، ولم يدفع بوزارة الزراعة الى تحويل الملف للمدعي العام للكشف عن المتورطين فيه، بل ان الوزارة اكتفت حينها وعلى لسان مدير زراعة جرش بنفي ما جاء في تقرير ديوان المحاسبة.
ومع تحويل وزير الزراعة خالد الحنيفات ملف “غزلان دبين” الى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، يتضح جليا ان عملية الفقدان استمرت منذ ذلك التاريخ ولم يوضع لها حد، فثروة حيوانية مثل هذه مقدمة من الحكومة الاسترالية يجب ان تقف اللجان في الوزارة على كل تفاصيلها فكيف لا يتم اجراء احصائية دورية دقيقة توثق الحيوانات النافقة منها أو الهاربة وابلاغ السلطات فيها، الى أن تم اكتشاف الأمر من خلال لجنة تحقيق.
ومنذ العام 2013 وما قبله، لم يتم اتخاذ أية اجراءات بحق فقدان هذه الاعداد الكبيرة من غزلان المحمية، فأبسط قواعد الادارة تقول بضرورة وجود ملف لكل حيوان في المحمية يتم تسجيل اي تطور عليه ومنها فقدانه أو نفوقه وإبلاغ الوزارة أول بأول حول هذه التطورات، فكيف تفقد مثل هذه الاعداد دون اخطار الوزارة بها.
وبرأيي فان هذه المرة لا تحتاج تحويل القضية الى الهيئة مع احترامي وتقديري لها، لان قضية فقدان الغزلان جريمة موثقة باوراق حكومية سابقة، قد يكون الاهمال سببها أو قد يكون السرقة، فالقضية بنظري ليست ادارية، بقدر ما هي جريمة تستلزم تحويلها والمشتبهين فيها الى المدعي العام مباشرة لبدء التحقيق في القضية وإحالة المتورطين الى القضاء.
تحويل ملف فقدان 100 غزال من محمية دبين الى الهيئة لم يتضمن قائمة موظفين مشتبه فيهم هذه المرة، وهو ما يدعم رأيي بأهمية تحويلها الى الإدعاء العام مباشرة، على عكس ما حدث في مرات سابقة عندما حول الحنيفات الى الهيئة عددا من الموظفين ضمن شبهة فساد في تزوير كشوفات رواتب بالإضافة الى قضية تزوير في قضايا استغلال الوظيفة فيما يخص العمال، وهي خطوات مقدرة بلا شك.
بغض النظر عن نتائج التحقيق في فقدان الغزلان، الا أن تكشف القضية يفرض على وزارة الزراعة اعادة النظر بطريقة ادارة المحميات التابعة لها، فاكتشاف فقدان 132 غزالا و100غزال دفعة واحدة في كل مرة، يدل على ان هناك تخبطا في ادارة المحميات وعدم وجود منهجية علمية في التعامل مع الكائنات الحية الموجودة فيها، حيث هناك اجراءات دولية في ادارة المحميات يمكن اتباعها لضمان عدم تكرار الأمر.
الاجراءات الجديدة يجب ان تضمن وجود ملف لكل حيوان يعيش في المحمية، ذلك ان مثل هذه الحيوانات تعتبر ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها، ناهيك عن ان قرار الجهات الدولية التي تقدم مثل هذه الحيوانات للاردن، كما قدمت الحكومة الاسترالية الغزلان، قد يتأثر في مرات قادمة اذا لم يتم التعامل مع ملف فقدان الحيوانات من المحميات بجدية أكبر مما حصل في العام 2013.
الدول التي تتبرع بالحيوانات لحكومات أخرى بهدف اطلاقها في موطنها، تتشدد تماما في حمايتها للثروة الحيوانية، وتفترض ان الدولة المضيفة تفرض ذات الحماية على ما يقدم لها من حيوانات نادرة، فالسلطات البريطانية فتحت في يوم من الأيام تحقيقا مع مقيم فيها لصيده بجعة وعاقبته، رغم أنه لا يعرف بان ملكة بريطانيا بموجب القانون تملك كل البجع الموجود في نهر التايمز، فكل بجعة غير مملوكة لأحد بعينه تعود للملكة والبعض لولي العهد، كما تهيمن الملكة أيضاً على كل الدلافين والحيتان في المياه البريطانية.