مقالات وكتاب

التغير المناخي “الشرير”

بقلم: خلود الخطاطبة

تتكرر المأساة ويسقط ضحايا أخرون نتيجة السيول الناتجة عن الهطول المطري، ولم نتعلم من الحادثة الأولى التي أوقعت 21 شخصا جلهم أطفال، كما أننا لن نتعلم من الحادثة الثانية التي خسرنا فيها 11 شخصا، اذا ما استمرينا في تبادل الاتهامات والبحث عن جهة أو شخص نلقي باللائمة عليه.
مثلما كانت المدرسة قبلة اللائمين من المسؤولين في الحادثة الأولى ومثلما كانت الحكومة وجهة اللائمين من الشعب، الا أن هذه المرة تفتقت الذهنية الأردنية نحو القاء اللائمة على ظاهرة “التغير المناخي”، والأغرب هو التقاء الشعب والإعلام والحكومة ممثلة برئيسها عمر الرزاز على ذات الفكرة وهي أن الفاعل هو “التغير المناخي”.
لن ندخل في توضيح ظاهرة التغير المناخي، فلها خبراء يمكن أن يسبروا غورها، لكن ما يعنينا هنا، هو الذهنية الأردنية في الإغراق بتفسير سبب هطول الأمطار، مع أن القضية ليست كذلك ولا هي أساس وسبب فيما يسقط من ضحايا، وانما الأسباب هي عوامل أخرى بعيدة عن ذلك، لعل أهمها ضعف البنى التحتية، الوعي المجتمعي، القرارات الإدارية، وضعف الاستجابة للطواريء، وغيرها من الأمور، لكنها بالضرورة ليست التغير المناخي.
لندع ظواهر التغير المناخي “الشرير”، وظاهرة الأمطار الرعدية الومضية، وحالة عدم الاستقرار، والمنخفضات الجوية جانبا، ونبدأ بالتركيز في مناقشاتنا حكومة وشعبا لإجراءات يفترض القيام بها للحيلولة دون سقوط ضحايا في الأيام القادمة لا سمح الله، خاصة وأن التنبؤات الجوية تشير الى إمكانية حدوثها وتكرارها خلال فصلي الخريف والربيع.
قد يكون مبررا للشعب، بعد حالة فقدان الثقة التاريخية بالحكومات، البحث عن “كبش فداء”، لكن ما هو غير مبرر هو ترديد مسؤولين بارزين وقناعتهم بان للتغير المناخي علاقة بما يحدث بالهطول المطري الغزير، رغم توفر خبراء ومختصين في دوائر الدولة يمكن أن يقدموا استشارتهم للرئيس وفريقه، فكيف يتبنى الرئيس الرزاز ظاهرة التغير المناخي، في الوقت الذي تستبعد فيه دائرة الأرصاد الجوية على لسان مديرها حسين المومني، أي علاقة للتغير المناخي بما يحدث، أليس الأصل أن تكون هذه الدائرة هي مصدر المعلومات الرئيسي للحكومة في مثل هذه الحالات، خاصة وأن الأمر علمي ولا يتبع لقناعات شخصية.
الخلاصة تقول، لنتوقف عن لوم الطبيعة فيما يحدث بالأردن مسؤولين وشعبا، ونركز نقاشنا على الإجراءات الحقيقة التي تحول دون تكرار المشهدين المؤلمين خلال أقل من شهر، فنريد أن نسمع مثلا إخلاء سكان المنازل القابعة على الأودية خلال موسم الشتاء الحالي، تشديد الإجراءات حول السياحة ووضع خط إخلاء فورية دون استخدام “بكبات” سكان المناطق، بناء جدران إستنادية في المناطق المهددة بالانهيار وغيرها الكثير، عندها سيغادر التغير المناخي “الشرير” بيتنا.

إغلاق