سياسة
“أزمة الضريبة” .. وفرض المزيد من الضرائب تصدع وخلاف بين مجلسي الأعيان والنواب .. “تفاصيل”
قد لا تمر محاولة حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز، للالتفاف على ما قرره مجلس النواب بخصوص قانون الضريبة الجديد ببساطة، بعدما استطاع الرجل الثاني في الحكومة الدكتور رجائي المعشر إقناع اللجنة المالية في مجلس الأعيان بفرض ضرائب جديدة ومناكفة الصيغة التي قررها النواب.
مناورة الدكتور المعشر بالاتفاق مع صديقه وزميله رئيس مالية الأعيان ووزير المالية الأسبق الدكتور أمية طوقان، أثارت أمس الاربعاء تصدعا نادرا أولا بين مجلسي التشريع في الأعيان والنواب، وثانيا بين الأعيان أنفسهم.
ما حصل في مشهد بغاية الإثارة على مستوى نخب التشريع الأردنية، هو ان المعشر طلب من طوقان تعديلات على نصوص النواب تنتمي لوجهة النظر الحكومية فقط وفرض المزيد من الضرائب.
بدون مشاورات في الأعيان قرر طوقان تنفيذ التوجيهات الحكومية مع أعضاء اللجنة المالية والتقدم بها، مما يتسبب في خلاف تشريعي مبكر وأزمة كان يمكن الاستغناء عنها في بؤرة مجلسي التشريع كما أوضح لـ”القدس العربي” النائب خليل عطية .
وفوجئ الأردنيون بالاتجاه الحكومي الواضح لمجلس الأعيان، وهو مجلس الملك دستوريا، الذي تبنى ما قررته لجنة طوقان وقرر إعادة قانون الضريبة لمجلس النواب رافضا للتعديلات على صيغة الحكومة.
كما تفاجأ بعض أعضاء مجلس الأعيان بتعابير تصدر لأول مرة من أعضاء في مجلس الملك، تنتقد الترتيبات بين الثنائي المعشر وطوقان، في الوقت الذي لم يعلق فيه رئيس الوزراء الرزاز على هذا الحدث الجديد والذي يتعامل مع تشريع صعب ومثير للجدل وفي ظرف حساس.
هنا تحديدا استهجن وبصورة غير مسبوقة بعض الأعيان، الزج بمجلسهم لصالح الحكومة في مواجهة مشتعلة باسم قانون الضريبة .
وأشاد عضوان من الأعيان هما عمدة العاصمة السابق عمر المعاني و صخر دودين، بقرارات النواب، فيما اعترض دودين على إجراء الأعيان لتعديلات بعد النواب يمكن ان تدفع وسائل الإعلام لتحميل الأعيان حصريا مسؤولية فرض ضرائب جديدة.
في الوقت نفسه شدد عضو الأعيان والوزير السابق وجيه العزايزة على ضرورة عدم التسرع لضمان الاستقرار التشريعي.
وبالتوازي فضح المعشر وبصورة علنية سلوك حكومته في الضغط على الأعيان لمخالفة النواب، عندما اعتبر تحت قبة البرلمان بأن الأعيان هم مجلس الحكماء طالبا منهم عدم الالتفاف الى ما يدور خارج اجتماعهم متمنيا إقرار المقترحات الحكومية.
حصل ذلك فيما كان طوقان، ولتبرئة ساحته، يعلن بأن ما قررته لجنته بناء على طلب المعشر.
وتبنى طوقان وجهة نظر الحكومة عندما أعلن بأن تعديلات النواب تخفض الإيرادات المتوقعة بقيمة مليون دينار، وتنعكس سلبا على صورة الاقتصاد الوطني وموقع الاردن أمام المجتمع الدولي والمانحين.
بالمقابل يحذر عطية، من صدام تشريعي وبدو ان مجلس الأعيان يتجه لمواجهة مع مجلس النواب بالرغم من ان الشارع الأردني يهاجم وبقسوة شديدة نواب الأمة بسبب إقرارهم قبل عدة أيام لقانون الضريبة الجديد.
مجلس النواب كان قد قرر بعض التعديلات المتعلقة برفع سقف شرائح الضريبة وبتخفيف العبء الضريبي عن قطاعات مهمة لها علاقة بالإنتاج مثل الزراعة والصناعة.
ومن جهتها صمتت الحكومة في مواجهة النواب لكنها لجأت لاحقا لمجلس الأعيان، فقرر اتجاهات معاكسة للنواب والشارع بدعوى ان تعديلات النواب تخفض من توقعات الإيرادات.
تفاهمات الثنائي المعشر طوقان فجرت خلافا نادرا بالنتيجة داخل الأعيان وبينهم وبين النواب، وإذا ما أصر الأعيان على موقفهم سيعود القانون الى مجلس النواب واذا أصر الأخير على رفض تعديلات الأعيان، ينص الدستور على عقد جلسة مشتركة للحسم والتصويت.
لا أحد يعلم حتى اللحظة لماذا لجأت حكومة الرزاز لإنتاج مثل هذا التصعيد في وقت حرج، ولماذا قبل مجلس الأعيان بهذا الدور أصلا، لكن الإشارات واضحة إلى ان التصعيد الضريبي خيار دولة وليس حكومة، والى ان له علاقة مباشرة بقرار سياسي محكم لإنهاء ما يسمى بالدولة الريعية.
ويطيح قانون الضريبة بالاستقرار التشريعي، كما يحذر العزايزة، ويقود الدولة والناس الى مواجهة صعبة ومعقدة لها علاقة بخلاف تشريعي نادر تخطط الحكومة للمغامرة بالاستفادة منه والاستثمار فيه .
لكنها مغامرة وسط إيقاع شعبي صاخب هذه المرة، ومن الصعب السيطرة على تفاعلاتها خصوصا وان أضخم نقابة في تاريخ الأردن وهي نقابة المعلمين، أعلنت الحرب على حكومة الرزاز وقانون الضريبة الجديد .
القدس العربي