رياضة

توتي يكتب نهاية الفصل الأخير لمسيرة 25 عاما مع روما

كتب الفصل الأخير من كرة القدم الحقيقية بإجبار الأسطورة الإيطالية فرانشيسكو توتي على إنهاء مسيرته الطويلة والذهبية مع نادي العاصمة روما. ولا يمكن حصر أسطورة توتي في وفائه لناديه وتفضيله اللعب بقميص الفريق الذي يحب على التتويج مع ريال مدريد أو ميلان بدوري أبطال أوروبا وفرص الفوز بجائزة الكرة الذهبية. ووجه توتي قائد فريق روما، رسالة وداع إلى الجماهير التي تواجدت في ملعب مباراة فريقه أمام جنوى في ختام منافسات الدوري الإيطالي لكرة القدم.

وقال توتي (40 عاما) في الرسالة “وصلنا أخيرا إلى تلك اللحظة التي لم أكن أتمناها على الإطلاق لكنها حانت الآن، فقد قرأت الكثير من الأشياء الجميلة للغاية التي قيلت عني، لقد بكيت وذرفت الدموع كثيرا، والسبب في ذلك أنني لا أستطيع نسيان 25 عاما قضيتها هنا”. وأضاف “لقد حرصتم على مساندتي في كل الأوقات التي مررت بها، لذا فإنني أرغب في توجيه الشكر لكم على الفترة التي قضيتها هنا”.

وأعلن توتي منذ شهور قرار الرحيل عن فريقه روما مع نهاية الموسم بعد سلسلة حافلة بالإنجازات والبطولات مع فريق العاصمة الإيطالية. وتمكن توتي من تسجيل 307 أهداف خلال مشواره مع فريق روما بالدوري الإيطالي لكرة القدم “الكالتشيو”، وذلك بعد مشاركته في 619 مباراة.

وتوّج توتي مع روما بلقب الدوري الإيطالي (مرة واحدة)، وكأس إيطاليا (مرتين). ولم يحدد اللاعب هل سيعتزل كرة القدم نهائيا أم سيذهب إلى فريق آخر؟

وقال لاعب الوسط دانييلي دي روسي، الذي يلعب في روما منذ موسم 2001-2002، “هناك شخصيات فريدة ومسيرة توتي مثلها. رأيت لافتة كتب عليها المعركة الحقيقة في الكرة الحديثة هي أن ترتدي قميصا لفريق واحد طوال 25 عاما”.

استحوذت لحظة وداع توتي للملاعب على ملعب روما الأولمبي، على اهتمام الجميع في الوقت الذي كان يخوض فيه رياضيون إيطاليون آخرون منافسات أخرى في أماكن مختلفة.

وفي الوقت الذي كان يتابع فيه الملايين أمام شاشات التلفزيون بالإضافة إلى 65 ألف متفرج في الملعب الأولمبي خطاب الوداع لتوتي، كان هناك حدثان في غاية الأهمية في الرياضة الإيطالية وهما تتويج فريق فيراري بلقب سباق موناكو للجائزة الكبرى ضمن منافسات بطولة العالم لسباقات السيارات “فورمولا- 1” وحصول الدراج الإيطالي فينسينزو نيبالي على المركز الثالث في سباق إيطاليا للدراجات.

“للبلاد قائد واحد”، كانت هذه رسالة رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني للاعب المخضرم من خلال حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، والتي جاءت من بين الكثير من الرسائل لتحية توتي في يوم ظهوره الأخير.

مسيرة ذهبية

طوال مسيرته الذهبية الطويلة سجل توتي 250 هدفا في الكالتشيو كثاني أكثر اللاعبين في التاريخ تسجيلا للأهداف مبتعدا عن سيليفو بيولا المتصدر بـ24 هدفا، مع العلم أن مهمة توتي الأساسية لم تكن يوما تسجيل الأهداف. وحين تعرض فرانشيسكو إلى إصابة مخيفة في 19 فبراير 2006 راهن الكثيرون على نهاية مسيرته، لكن المخضرم مارتشيلو ليبي أصر على استدعائه إلى قائمة الآتزوري في كأس العالم، فكافأه الأسطورة بأن كان أفضل من مرر في المسابقة ليسهم بقوة في تتويج إيطاليا بآخر كأس عالم في جعبتها.

بعدها ولأنه قرر عدم إزالة المعدن حبّا في عدم تفويت الموسم 2006-2007، لعب كمهاجم تفاديا للمزيد من الخشونة، والكلّ يعرف النتيجة الحذاء الذهبي في أوروبا كأكثر مسجل للأهداف.

فيالي وروسي وكارلوس وريفيرا وميهايلوفيتش كلهم صرحوا بأن النجم توتي هو أفضل لاعب إيطالي منذ 30 عاما

ويعتبر توتي أسطورة نادرة ليس فقط لأنه كان وفيا لفريقه بل لأن قدراته على التحكم في الكرة وذكاءه الفطري ومهاراته الخارقة من العوامل التي يصعب تكررها. ومثلما قال تراباتوني سابقا “كما أن هناك فان غوغ واحدا، هناك توتي واحد”.

توتي أكثر لاعب كرة قدم في تاريخ الكالتشيو يصنع الأهداف، هو أكثر من مرر أهدافا في آخر 5 مواسم! منذ موسم 2012-2013، قام توتي بـ72 تمريرة حاسمة أفضل من أي لاعب آخر، كما أنه الرقم الأفضل في أوروبا كلها بعد ليونيل ميسي وسيسك فابريغاس.. هذا وهو في تلك السنوات لم يتجاوز الـ35 من عمره. مع ذلك فإن لغة الأرقام لا تعني أي شيء بالنسبة إلى موهبة مثل فرانشيسكو توتي، رغم أنها تنحني أمام الملك.. يكفي أن تمتلك القليل من الذوق لتعرف كيف يمكن أن تتحول كرة القدم من مجرد لعبة إلى معزوفة موسيقية. جانلوكا فيالي، باولو روسي، جياني ريفيرا، سينيسا ميهايلوفيتش، روبيرتو كارلوس، إنزو بيرزوت، كلهم صرحوا بأن توتي هو أفضل لاعب إيطالي منذ 30 عاما. دينو زوف يقول “توتي هو أفضل من ارتدى رقم 10 حتى لو وضعنا في المقارنة بلاتيني وروبيرتو باجيو”.

لا يوجد بديل

قال مارتشيلو ليبي “لا يمكن إيجاد بديل لتوتي أبدا”. فيما صرح مارادونا “توتي أفضل لاعب شاهدته طوال حياتي”؟ وأكد أسطورة التدريب أريغو ساكي “أخشى أن يعتقد صغار السن أن كرة القدم سهلة إن شاهدوا فرانشيسكو توتي”.

ووصفت وسائل إعلام إيطالية الحدث بأنه “يوم توتي”، الذي يلقبه عشاقه بـ”ملك روما”. وتكريما لرمز نادي روما غيّرت صحيفة “إيل تيمبو” ومقرها روما، اسمها على الصفحة الأولى إلى “إيل تيمبو دي توتي” لأول مرة في تاريخها منذ 73 عاما. وتظهر هذه الخطوة حجم ورمزية اللاعب توتي (40 عاما) في العاصمة الإيطالية بعد 786 خاضها مع روما.

وبعيدا عن ألقاب توتي الـ5 مع روما، من بينها بطولة الدوري موسم 2000-2001 مع فابيو كابيلو، يعد توتي رمزا لجماهير روما، فهو الملك الذي يدافع عن جماهير فريقه أمام الجميع. أنبل مواقف لتوتي مع الجماهير كانت في الديربي أمام لاتسيو في 22 مارس 2004، حيث نشبت اشتباكات كالمعتاد بين جماهير الفريقين قبل اللقاء، وهي اشتباكات تدخلت خلالها قوات الأمن ولكن كان توتي كالعادة هو أبرز من ساعد على تهدئة الأجواء.

الأمر المثير للجدل والذي يشغل بال عشاق الغيلاروسي بالتأكيد هو مستقبل أفضل لاعب في تاريخ النادي الذي أعلن رحيله عن روما ولم يعلن اعتزاله كرة القدم.

قد ينتقل توتي إلى أحد الدوريات الغير أوروبية خاصة بعد التقارير التي أشارت إلى تلقيه عروضا من الدوري الأميركي، وقد يتقاعد نهائيا ويعتزل كرة القدم إذا وجد أن العرض قد لا يتناسب معه، أو ربما قد يتولى أحد المناصب في نادي روما.

إغلاق