مال واقتصاد

انحدار الإسترليني بعد عودة البريكست إلى نقطة الصفر

انحدر الجنيه الإسترليني أمس إلى أدنى مستوياته في 8 أسابيع مقابل جميع العملات الرئيسية، بعد أن قذفت نتائج الانتخابات البريطانية مستقبل علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي في نفق غامض.

ويجمع المحللون على أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي راهنت على تعزيز أغلبيتها البرلمانية لدخول المفاوضات من موقع قوة، ففقدت التفويض الحاسم لاتخاذ قرارات بشأن مستقبل البلاد بخسارة أغلبيتها البرلمانية.

وفقد الإسترليني أكثر من 2 بالمئة من قيمته مقابل الدولار ليتحرك تحت حاجز 1.27 دولار في نهاية التعاملات الأوروبية وهو أدنى مستوى له منذ 18 أبريل الماضي.

ويرى بعض المحللين أن رد فعل الأسواق مؤقت وأن هبوطه ناتج عن المضاربات المؤقتة وحالة الغموض، وأن الإسترليني قد يعود للارتفاع مستقبلا لأن الخروج القاسي من الاتحاد الأوروبي لم يعد مؤكدا.

وبدا ذلك واضحا في ردود فعل العملات الرئيسية الأخرى مثل الدولار واليورو والين التي كانت محدودة.

وكانت ردود فعل البورصة البريطانية مختلفة حيث ارتفع المؤشر الرئيسي (فوتسي 100) بنحو 0.7، لكن ذلك الارتفاع جاء تعويضا عن الخسائر غير المباشرة نتيجة تراجع الإسترليني بنحو 3 أضعاف تلك المكاسب.

وقال كبير محللي الأسواق في شركة أواندا لتداول العملات كريغ آر لام إن “برلمانا معلقا هو أسوأ نتيجة بالنسبة للسوق إذ يزيد ذلك الغموض قبل مفاوضات بريكست، ويضيع ما هو بالفعل فترة زمنية قصيرة لتأمين اتفاق لبريطانيا”.

وستلقي هذه النتيجة مرة أخرى ببريطانيا في اضطراب بعد أقل من عام على التصويت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي. وتبلغ خسائر الإسترليني منذ استفتاء 23 يونيو 2016 نحو 17 بالمئة.

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى مينوري اوشيدا كبير المحللين لدى بنك طوكيو ميتسوبيشي يو.أف.جي قوله إن “تراجع ماي ربما يؤدي إلى خروج مرن من الاتحاد الأوروبي وهو أمر ليس سيئا للاقتصاد البريطاني على المدى البعيد”.

دونالد توسك: مفاوضات انفصال بريطانيا لا يجب أن تنتهي دون التوصل إلى اتفاق

ورجح راي استريل رئيس استراتيجيات تداول النقد في البنك الوطني الأسترالي أن تحدث تقلبات في سعر صرف الجنيه الإسترليني، لكنه استبعد أن يكون لذلك تأثير يذكر على الأسواق الأخرى. وأضاف أن نتائج الانتخابات ستؤدي إلى صعوبات بريطانية محلية ولن يكون لها تأثير عالمي كبير.

ويشكك محللون في رصيد التفويض الذي تملكه ماي في التفاوض بشأن الانفصال بعد إعلان عزمها تشكيل حكومة بمشاركة الحزب الديمقراطي الوحدوي الذي فاز بعشرة مقاعد في إيرلندا الشمالية.

ومن المتوقع أن تكون ماي أكثر مرونة في شرط الانفصال وقد لا تكون قادرة على إبرام اتفاق نهائي. وقد تضطر للدعوة إلى انتخابات جديدة لكي تتشكل حكومة تملك تفويضا حاسما لتقرير مصير البلاد.

وحاول زعماء الاتحاد الأوروبي إخفاء ارتياحهم لخسارة رئيسة الوزراء البريطانية الصادمة لأغلبيتها البرلمانية. وأعلنوا مخاوف من تأجيل محادثات انسحاب بريطانيا من التكتل المقررة الأسبوع المقبل وتزايد احتمال فشل المفاوضات.

وقال ميشيل بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي “إن هذه المحادثات لا يمكن أن تبدأ إلا بعد أن تشكل بريطانيا فريقا. يجب ألا تبدأ إلا عندما تكون المملكة المتحدة مستعدة”.

وشدد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أمس على أن المفاوضات لا يجب أن تنتهي دون التوصل إلى اتفاق، نظرا لأنها تأجلت بسبب نتيجة الانتخابات البريطانية.

وأضاف “لا نعرف متى تبدأ المحادثات لكننا نعرف متى يجب أن تنتهي. ابذلوا قصارى جهدكم لتفادي عدم التوصل إلى اتفاق نتيجة لعدم وجود أي مفاوضات”.

وفي هذه الأثناء جاءت بيانات نمو الناتج الصناعي البريطاني في أبريل دون التوقعات وبنسبة 0.2 بالمئة. وكان المحللون يتوقعون نموه بنسبة 0.8 بالمئة بعد أن هبط على مدى الأشهر الثلاثة السابقة.

وأصبح الاقتصاد البريطاني أسوأ الاقتصادات أداء بين مجموعة الدول السبع بسبب تباطؤه في الأشهر الثلاثة الأولى من 2017، بعد أن تفوق على نظرائه في 2016 رغم صدمة التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وأظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية أمس انخفاض عجز تجارة السلع البريطانية مع بقية العالم إلى 10.4 مليار جنيه إسترليني مقارنة بتوقعات المحللين التي رجحت أن يبلغ نحو 12 مليار جنيه إسترليني.

وأظهرت بيانات أخرى أن ناتج قطـاع البنـاء في أبـريـل انخفـض بنسبـة 1.6 بالمئـة عـن الشهـر السـابـق وبنسبـة 0.6 بالمئـة على أسـاس سنـوي، رغـم أن التوقعـات كانت ترجح نموه بنسبـة 0.3 بالمئة على أساس شهـري وانخفاض بنسبة 0.4 بالمئة بمقـارنة سنوية.

إغلاق