سياسة

خفر السواحل الإيطالي يكافح لغلق ‘بوابات الفيضان’

تختفي غرفة العمليات في قلب أزمة الهجرة البحرية بأوروبا في مجمع كبير غير مميز الشكل بحي “إي يو آر” (روما معرض العالم) في روما الذي يعود إلى الحقبة الفاشية، على بعد حوالي 1000 كيلومتر من موقع الأحداث.

من مركزهم لتنسيق الإنقاذ البحري (إم آرسي سي)، يراقب خفر السواحل الإيطالي (جوارديا كوستيرا)، حركة المرور البحري عبر البحر الأبيض المتوسط، وقام بتنسيق إنقاذ ما لا يقل عن 500 ألف شخص منذ عام 2014.

وفي تصريح لمجموعة من الصحفيين حظوا باطلاع نادر على مايدور داخل المركز، قال قائد سلاح خفر السواحل الأدميرال فينشينزو ميلوني، “إنني فخور لكوني إيطاليا وفخور بكل ما تقوم به إيطاليا”.

ومع تجاوز المهاجرين الذين حطوا على الأراضي الإيطالية 60 ألف شخص فى الفترة من الممتدة بين يناير وأيار الماضيين، بزيادة 25 فى المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضى، قال ميلوني إن البلاد تكافح لإغلاق “بوابات الفيضان” واشتكى من نقص المساعدة الدولية.

وأوضح أنه منذ بداية أزمة الهجرة، زاد قوات خفر السواحل الإيطالية كفاءة البحث والإنقاذ لديها بأكثر من الضعف، وأصبحت الآن تلتقط مهاجرين من مناطق تقع اسميا تحت مسؤولية مالطا وتونس وليبيا.

واعتبر ميلوني أن هذا يعني أن منطقة البحث والإنقاذ الخاضعة للسيطرة الإيطالية زادت أكثر من الضعف من 500 ألف إلى ما يفوق 1.1 مليون كيلومتر مربع، أى ما يعادل نصف مساحة البحر المتوسط.

ووصف المنطقة الواقعة جنوب مالطا، تحت السيطرة التونسية والليبية بأنها “ثقب أسود”. وقال “يجب أن نتدخل لأنه لا بد أن يتواجد أحد هناك للمساعدة”، على الرغم من أن المهربين تعلموا الاستفادة من كرم إيطاليا.

وتحدث ميلوني بالقرب من غرفة “مركز تنسيق الإنقاذ البحري” التي تستقبل مكالمات الطوارئ من المهاجرين في البحر عبر الهواتف العاملة بالأقمار الصناعية. وقال المتحدث فيليبو ماريني، إنه إذا لم يتمكنوا من تحديد الإحداثيات الجغرافية فإن خفر السواحل يستطيعون تحديد موقعهم خلال نصف ساعة.

أما عمليات الإنقاذ الأخرى فهي تأتي بناء على مكالمات من أقارب المهاجرين، أو من عمليات مشاهدة السفن الواقعة في محنة، وهي عادة ما تقوم بها المنظمات غير الحكومية التي تقوم بدوريات بحرية عديدة قبالة الساحل الليبي.

وعندما يتم إبلاغهم، يتدخل خفر السواحل مباشرة أو يوجهون سفن الشحن أو سفن المنظمات غير الحكومية أو بعثات حرس الحدود أو البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي إلى مكان الحادث. وشبه ماريني دور خفر السواحل الإيطالي بدور “قائد الأوركسترا”.

في يوم الخميس، يمكن رؤية حوالي 12 ضابطا في غرفة العمليات، يعملون على أجهزة الكمبيوتر والهواتف، ويتابعون ثلاث شاشات كبيرة ترصد حركة المرور الهادئة نسبيا للسفن وظروف الطقس.

وأوضح الضباط أن موجات يبلغ ارتفاعها مترين إلى مترين ونصف متر قرب الساحل الليبي كانت بمثابة رادع ضد عبور المهاجرين في ذلك اليوم، ولكنهم أشاروا إلى الرقم القياسي المسجل 29 أغسطس 2016 عندما عالج خفر السواحل 53 عملية منفصلة، ما أدى إلى إنقاذ ما يقرب من 7000 شخص.

وقال ماريني إن تنسيق عمليات الإنقاذ يحتاج خبرة وأعصابا ثابتة. وأضاف “كل من يتصل دائما ما يقول: بسرعة نحن نغرق، إذا فمن ستنقذ أولا، نبحث عن أدلة عمن هو الأكثر عرضة للخطر، ولكن علينا في كثير من الأحيان اتخاذ خيارات صعبة”.

ولفت مارينى إلى أنه “عندما يؤخذ المهاجرون على متن سفن وحدات حرس السواحل، تجرى لهم فحوصات طبية يقوم بها أطباء من فرسان الرهبنة الكاثوليكية في مالطا ، ويتم فحصهم من خلال جهاز الكشف عن المعادن، وتصويرهم، وإجراء مقابلات معهم لجمع أدلة ضد المهربين الذين يختبئون بينهم.

وفي خضم تزايد القاصرين غير المصحوبين بذويهم، تم وضع إجراءات خاصة للأطفال، بمساعدة اليونيسيف. وأشار المتحدث إلى أن قوارب الإنقاذ بها حتى غرف لعب مؤقتة، تضم لعب أطفال تبرع بها أطفال أفراد قوات خفر السواحل.

وقد خضعت الجهود الرامية إلى إنقاذ المهاجرين البحريين لمزيد من التدقيق، حيث حذرت وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي “فرونتيكس” من أن وجود قوارب الإنقاذ أقرب وأقرب إلى ليبيا تشجع على المغادرة، واتهم مدع عام إيطالي المنظمات غير الحكومية بتنسيق عملها مع المهربين. ولكن يبدو أن ميلوني لا يتفق مع هذا الرأي.

وفي جلسة استماع برلمانية الشهر الماضي، برأ ساحة المنظمات غير الحكومية من ارتكاب أي مخالفة، في حين دعا في اول أيام الشهر الجاري إلى حلول “بعيدة النظر” لأزمة “العصر”، مثل فحص طلبات اللجوء للمهاجرين من قبل موظفي الأمم المتحدة في إفريقيا، مع نقل الذين تنطبق عليهم الشروط جوا إلى أوروبا في أمان.

إغلاق