سلايد 1منوعات

كلينت إيستوود يلقي ‘درس السينما’ في مهرجان كان

  • حضر إلى مهرجان كان السينمائي في دورته السبعين النجم والمخرج الأميركي كلينت إيستوود (87 عاما) ليلقي “درس السينما” على حشد من النقاد والصحافيين والسينمائيين ومحبي السينما، وكان إيستوود قد رأس لجنة التحكيم الدولية في دورة عام 1994، كما شارك مرات عدة بأفلامه كمخرج في مسابقة المهرجان.
  • احتفل هذا العام مهرجان كان السينمائي بمرور 25 عاما على العرض الأول لفيلم المخرج الأميركي كلينت إيستوود الشهير “اللامتسامح” The Unforgiven ونظم عرضا احتفاليا للفيلم بحضور مخرجه، في نسخة جديدة تمت استعادة رونقها القديم بواسطة التقنية الرقمية الحديثة.

    وقال إيستوود عن هذا الفيلم إنه جلس لمشاهدته في كان مؤخرا، وكان يعتزم ألا يقضي أكثر من خمس دقائق، لكنه وجد فيه أشياء كثيرة مثيرة شدته فقرر البقاء وإكمال المشاهدة.

    وأوضح أنه تلقى نسخة من الرواية عام 1980 وعندما قرأها قال لنفسه إنها ستكون أساسا جيدا لإخراج فيلم أخير من أفلام “الويسترن”، لكنها ظلت قابعة في درج مكتبه لعشر سنوات إلى أن تشجع لتقديمها في السينما. ورافق إيستوود على المسرح أمام الحاضرين في “درس السينما” الناقد السينمائي الأميركي كينيث توران، الذي وجه بعض الأسئلة إلى إيستوود قبل أن يفتح الباب لأسئلة الحضور.

    كلينت إيستوود يفضل التصوير في موقع هادئ تماما، حيث يعرف الجميع أدوارهم طالما أن المخرج يعرف ما يريد

    بعيدا عن السياسة

    آثر إيستوود الذي تلقى تصفيقا استمر لعدة دقائق من جانب الجمهور، ألا يخوض في مجال السياسة، لأنه يعلم أن مواقفه وآراءه السياسية اليمينية قد لا تلقى استقبالا إيجابيا من قبل الكثيرين، لذلك كان تركيزه الأساسي على تجربته السينمائية سواء كممثل أو كمخرج.

    وتطرق إلى فيلمه “هاري القذر” (1971) الذي قام فيه بدور ضابط شرطة شديد البأس، كان يتجاوز القانون في تعامله مع المتهم الشاب الذي يعرف أنه مذنب بالفعل، لكن التمسك بالإجراءات القانونية لم يساعده في تقديمه للقضاء، وقال إن هذا الفيلم قوبل عند عرضه باستنكار شديد باعتباره عملا يمجد العنف وهو ما ينطبق عليه “الانحراف عن جادة الصواب” سياسيا، واعتبر أن ما لاقاه الفيلم من اتهامات كان بداية لنقد الذات بقسوة، الأمر الذي يعتبره شططا كبيرا أدى حسب تعبيره إلى “أننا فقدنا قدرتنا على الدعابة”!

    وقال إيستوود إنه أحب السينما والأفلام منذ أن كان طفلا، وكان معجبا بوجه خاص بأفلام نجوم “الويسترن” أمثال غاري كوبر وجون ستيوارت وجون واين، مضيفا “لقد ولدت في زمن الأزمة الاقتصادية الكبرى (عام 1930)، وكان والداي يتضوران جوعا.. ولكننا لم نلاحظ ذلك، فقد كنا، شقيقتي وأنا، نحصل على ما يكفينا من الطعام، وفي الخامسة أو السادسة من العمر لا يمكنك أن تلاحظ ما يجري حولك تماما، أما بعد أن كبرت فقد أدركت واحترمت كثيرا ما تحمله والداي في تلك الفترة”.

    حول سؤال من ناقد لوس أنجلس تايمر كينيث توران بشأن ميل إيستوود إلى الاعتماد على فراسته وحسه الشخصي في إخراجه لأفلامه لا على منهجية أو قواعد معينة، قال إيستوود إن الإخراج السينمائي مسألة تتعلق بالإحساس، “الفيلم نفسه فن شعوري.. لا يصلح معه تطبيق القواعد”.

    ويعتبر إيستوود أنه تتلمذ على أيدي اثنين من عظماء المخرجين: الإيطالي سيرجيو ليوني الذي أخرج له ثلاثية أفلام “الويسترن الاسباغيتي” الشهيرة التي شق بها طريقه نحو عالم النجومية، والمخرج الأميركي دون سيغل الذي أخرج له ثلاثة أفلام شهيرة أهمها “هاري القذر”، وقال إن الأول كانت لديه نظرة خاصة للفيلم السينمائي، وإنه تعلم منه الكثير، أما الثاني فكان أسرع مخرج عمل معه، والسبب أنه كان سريعا في التفكير واتخاذ القرارات.

    كلينت إيستوود: الإخراج إحساس، والفيلم فن شعوري.. لا يصلح معه تطبيق القواعد

    وكان فيلم “جسور مقاطعة ماديسون” (1995) الذي أخرجه إيستوود وقام ببطولته أمام ميريل ستريب، فيلما عاطفيا مؤثرا بقي طويلا في أذهان عشاق السينما، وفيه يقوم إيستوود بدور رجل يقع في غرام امرأة متزوجة، لكن زوجها غائب، الاثنان يخوضان معا لحظات جميلة ويشعران بالسعادة والانسجام، لكنهما يعرفان جيدا من البداية أنهما لن يبقيا معا، أي أن علاقتهما لن تنتهي نهاية سعيدة.

    الإحساس السينمائي

    كان هذا الفيلم بعيدا عن اهتمامات إيستوود المألوفة في أفلامه، فهو عمل رومانسي ناعم يرتفع وجدانيا من خلال ذلك التسامي البديع من جانب العاشقين، وكان الألم فيه جزءا من التضحية ومن الحب ومن التواصل الوجداني بينهما، ولو أصرا على البقاء معا رغم كل شيء لكانت القصة قد أصبحت عملا آخر عاديا.

    وقال إيستوود إنه عندما قرأ الرواية التي اقتبس منها الفيلم (وهي من تأليف روبرت جيسم وولر)، أحبها كثيرا وظل يعتقد أن البطل الحقيقي للقصة يجب أن يكون المرأة، لكن ميريل ستريب لم تعجبها الرواية، إلا أنها غيرت رأيها بعد أن قرأت السيناريو.

    أما عن ميله إلى تصوير اللقطات بأقل عدد من الإعادات، فقال إن هذه كذبة، مضيفا أنه يصور اللقطة في المرة الأولى لكي يعرف كيف تبدو التعبيرات على وجوه الممثلين، وبعد ذلك إذا وجدها جيدة تصبح مقبولة ويشعر الجميع بالسعادة ثم تسير الأمور كلها بسلاسة تامة، فالممثلون يصبحون أكثر ليونة أمام الكاميرا وأكثر انسجاما مع بعضهم البعض.

    وأوضح إيستوود أنه يفضل العمل في موقع هادئ تماما للتصوير، حيث يعرف الجميع أدوارهم طالما أن المخرج يعرف ما يريد، وأوضح أنه عندما قام بزيارة الرئيس الأميركي جيرالد فورد لاحظ أن رجال الأمن المحيطين به كانوا يعملون بهدوء تام ويستخدمون سماعات وميكروفونات دقيقة في التخاطب بصوت منخفض، وقد اتبع هو طريقة مماثلة أثناء العمل داخل الأستوديو السينمائي.

    وجاء إيستوود إلى مهرجان كان للمرة الأولى عام 1985 لعرض فيلمه “الراكب الشاحب”، ثم فيلم “بيرد” (1988)، ثم “صياد أبيض وقلب أسود” (1990)، ثم “قوة مطلقة” (1997)، ثم “نهر غامض” (2003)، ثم “التبديل” (2008) الذي حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

    ويستعد كلينت إيستوود حاليا لإخراج فيلم جديد بعنوان “الخامسة والربع إلى باريس”، مأخوذ عن قصة حقيقية حول ثلاثة أصدقاء أميركيين قاموا بإحباط عملية إرهابية كانت ستجري في قطار متجه من بروكسل إلى باريس عام 2015.

إغلاق